ما يمكن أن يلحق... و لا يلحق بلقب "الكحلاوي"

كنت قد أشرت الى مقال للسيد فرج و شوشان في صحيفة الصباح عن انتحال باحث في الآداب العربية لمقال حول الموسيقى الأندلسية و تحويله الى كتاب. و تساءلت عن مغزى أخبار مماثلة خاصة أن الحجج المقدمة من قبل فرج شوشان حجج دامغة (أنظر تدوينة سابقة). و كذلك قمت بتعليق على "استدراك/توضيح" المعني بالانتحال ("محمد الكحلاوي") في تدوينة لاحقة حيث استفزني إصرار ه على الامتناع على الاعتذار بل و تحويله الاتهام لشخص الناشر ("محمد بوذينة") و هو المتوفي الذي لا يقدر الدفاع عن نفسه بمعزل عن تقييم الكثيرين له (أنظر هنا). و لفت إنتباهي اليوم تخصيص الصباح لملف حول الموضوع يحتوي على مقالين (أنظر هنا و هنا) تعرضا تقريبا لنفس الافكار التي تعرضت اليها في التدوينة السابقة. لكن ما جعلني أكتب هذا التعليق هو ما شعرت به حقا من تشويه لسمعة لقب أحمله من جراء ما قام به السيد "محمد الكحلاوي" حيث تكرر في المقالين توجيه النقد ليس لـ"محمد الكحلاوي" فحسب بل لـ"الكحلاوي" في صيغته العامة (في سياق أن المعني بالنقد فيه معلوم لا يحتاج التخصيص). و بالرغم أن ذلك لم يكن مقصودا منه التعريض باللقب ذاته و بحامليه إلا أن من يقرأ المقال سيحتفظ في ذاكرته بهذه العلاقة بين فعل السرقة الأدبية و كذلك فعل التكبر عند افتضاح أمرها و بين هذا اللقب. طبعا المسؤول عن ذلك السيد "محمد الكحلاوي" وحده. و إذ واصل البعض سؤالي عن مدى قرابتي بالمعني كان من الضروري تكرار ما قلته المرة الفائتة بأنها قرابة مماثلة لقرابتي بنور الدين الكحلاوي "المزاودي" مع احترامي للمزاودية و أحباء المزود حيث ليسوا على كل حال بصفاقة "محمد الكحلاوي". كان علي أيضا أن أذكر ببديهيات فصل اللقب، أي لقب، عن أفعال المنتسبين إليه. كان علي أيضا أن أذكر بوجود أكاديميين داخل تونس و خارجها لم يمسسهم ما مس سيرة "محمد الكحلاوي" من أمثال السيدة عبلة الكحلاوي أستاذة الفقه الاسلامي المصرية و السيد محمد الكحلاوي رئيس اتحاد الأثريين العرب. و لم يكن ليفتني طبعا الإشارة الى والدي، أحمد الكحلاوي، الذي تنضح سيرته بالنزاهة، و هو المناضل النقابي و السياسي الذي دفع الكثير من عمره و جهده من أجل مواقفه. و قد كان فعلا من المفارقات المثيرة أنه كان كاتب عام النقابة العامة للتعليم الثانوي في وقت دفع فيه البعض بقيادة نقابية جديدة لهذا القطاع (كان عهدها مقدمة لعهد جديد) و كان من أعضائها ليس أحدا غير السيد "محمد الكحلاوي" ذاته عندما كان أستاذ تعليم ثانوي (و فقط "صحفي" في أوقات فراغه أو تفرغه)، أي عندما سلم السيد بوذينة "الجزء الأول" من "كتاب" جله مقال كتبه غيره و صمت في الأثناء عذره في ذلك ألا يدخل معركة "لا يربحها"، و أقبح عذر من ذنب.

بناء الذاكرة عمل صعب. بناء ذاكرة لقب، من ذلك العمل الصعب. لكن تشويهه أسهل من تنفس الهواء. غفر الله للسيد "محمد الكحلاوي" ما فعله بلقب "الكحلاوي".

"الجامعة التونسية" أمام سير بعضهم

ليس لي ما أقوله عن السيرة الأكاديمية للسيد "محمد الكحلاوي". فذلك أمر يخص قارئيه و زملاءه و طلبته و لست منهم. لكن يبدو التلميح الأخير في أحد المقالين الصادرين هذا اليوم في "الصباح" ملآنا بمفاجئات سلبية (حيث يقول صاحبه أحمد الحمروني: "والمهم أنك الآن، يا أخي، وبعد حرق المراحل، دكتور كأمثالك في الجامعة، وقد شغلك البحث العلمي عن أصحابك الناصحين - للأسف - فلم يعد لائقا بمقامك أن تكتب عن كتبهم ولو بنقل فقرة من التقديم وأخرى من التمهيد وتنشر المقال نفسه في مجلتين في الشهر نفسه"). و لكن تحديدا سيرة مثل تلك المنكشفة بين يدينا للسيد "محمد الكحلاوي" (بمعزل عن إصراره الانفصامي على حد تعبير أحد منتقديه على شطرها الى مرحلة ما قبل أكاديمية و أخرى أكاديمية) هي التي يمتد أثرها للقب يهمنا جميعا، أحببنا ذلك أو كرهنا، لقب الجامعة التونسية ذاته. إذ أن تراكم السير المماثلة يشحذ ما تراكم من التذمر المتفاقم من مستوى التعليم العالي في بلادنا. سيرة السيد "محمد الكحلاوي" مع سيرة تلك الطالبة التي سرقت ثلاث أرباع رسالتها الجامعية من كتب و مقالات (باحث مغربي أيضا... فهل عقمت جامعتنا حتى نسرق من غيرها إذا كانت السرقة لازمة؟!)، و سمح لها المشرف عليها، دكتور الألسنية المعروف، ليس تحدي ملاحظات اللجنة و تمرير الرسالة كما هي دون زيادة أو نقصان و بملاحظة "مشرف جدا" بل و أيضا تصدر المنبر الجامعي و تعليم الأجيال... فن القص و اللصق (تفاصيل ذلك منشورة في الانترنت و معروفة للمختصين.... في الألسنية).

هل سيكون ذلك منفصلا عما أسمعه كل صيف من جامعيين أصدقاء من تردي مستوى البحث و اهتمام الطلبة بالبحث؟ لكن برغم ذلك تبقى جامعتنا مصدرا لنوابغ حقيقيين. ألم تكن السيد حبيبة الشعبوني، الباحثة في الطب الجيني، من أحرز على أحد الجوائز العلمية الخمسة الخاصة بجائزة أفضل إنجاز علمي نسوي سنة 2006؟ سأكتفي بعد ذلك بتجربتي الخاصة كأحد المتخرجين من من أقسام العلوم الانسانية في جامعتنا. لن أنسى مثلا عندما بادرت بالسجال مع أحد أعمدة التاريخ الاسلامي المبكر، أستاذتي سابقا السيدة باتريشيا كرونة، حيث كان مجرد نطقي لاسم استاذنا جميعا هشام جعيط و أعماله النقدية المركزة تجاه أحد المدارس الاستشراقية مصدرا لتبرمها و امتعاضها، و هي المعرضة لسهام نقده التي لا ترحم التسطيح. فإنتسابنا لصفوف و دروس باحثين مثل هشام جعيط تجعلنا نفخر، حتى أمام أعتى العلماء، أننا من هذه الجامعة. و كذلك بقية الأسماء التي تكونت على أيديها أجيال متواصلة (و سأقتصر هنا على قسم التاريخ من حيث تخرجت) من أمثال الصادق بوبكر و عبد الحميد هنية و أحمد مشارك الذين أصبح لهم كل في اختصاصه صيت دولي مستحق و غيرهم الكثير. و كذلك الأمر مع جيل جديد يشق طريقه باقتدار من أجل ترسيخ هذه الصورة من أمثال لطفي عيسى و عبد الحميد فنينة و رياض المرابط للذكر لا الحصر.

مرة أخرى غفر الله للسيد "محمد الكحلاوي" ما فعله بلقبي و بجامعتنا.



عدد التعاليق: 4




يبدو أن الانقسام تجسم فعلا في صفوف الصحفيين التونسيين مثلما أشرت الى ذلك في تدوينات سابقة (هنا و هنا) حيث قامت "جمعية الصحفيين" أمس (الجمعة 26 أكتوبر) بتأسيس ""النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين" (في الأعلى بيان التأسيس و صورة عن قاعة الاجتماع) و من المتوقع أن يسفر ذلك على رد فعل سلبي من قبل أصحاب مبادرة "نقابة الصحفيين" الأوائل و التي كان سيرعى مؤتمرها التأسيسي الاتحاد العام التونسي للشغل يوم الاحد 28 أكتوبر قبل قرار تأجيله الى أجل غير مسمى.... في جميع الأحوال قاعة الاجتماع الذي وقع فيه إعلان النقابة كانت ملآنة كما أن تأسيس النقابة في ذاته يمكن اعتباره "حدث تاريخي" لأنها المرة الأولى التي يتم فيها ذلك في تونس... و هي خطوة مهمة في اتجاه إعلام مستقل لأن حماية الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية للصحفيين التونسيين تعني حماية استقلاليتهم الاقتصادية و هو ما يساهم في دعم استقلالية عملهم الصحفي... طبعا هذا مبدئيا... و لو أن المؤشرات الواقعية غريبة بعض الشيء... مثلا لم تعلن أي صحيفة حسبما شاهدت اليوم في الصفحات الأولى منها (لأ أستطيع الجزم إن تم التعرض لذلك في الصفحات الداخلية أم لا) لهذا الخبر الهام... فإذا لم يغطي الصحفييون التونسيون خبر تأسيس نقابتهم بالبنط العريض من سيغطيه؟


عدد التعاليق: 2


لفت إنتباهي البارحة خبر أوردته مدونة "أزرق تحت الصفر" حول مسابقة "أحسن مدونة عربية" التي تنظمها إذاعة ألمانيا الدولية "الدوتشي فيله"... قبل التعليق على ذلك أود أولا أن أهنئ مروان صاحب المدونة الذي كان من بين المرشحين القلائل الذين وصلوا للمرحلة النهائية و ذلك إنجاز في ذاته حتى في حالة عدم حصوله على لقب "أحسن مدونة عربية"... و بالرغم أني لا أرى الحاجة لمسابقات من نوع "أحسن مدونة" خاصة في ظل إشكالات حقيقية من ناحية من يقوم بتحديد الطرف الحكم و هل التصويت طريقة مناسبة لحسم "أحسن مدونة" أم ببساطة لمعرفة من "الأكثر حصولا على أصوات من رأوا إعلان المسابقة" عدى أني أرى أن المدونة هي عمل ذاتي موجه للاستهلاك الذاتي قبل أن يكون موجها لاستهلاك (و لتقييم) الغير... و لكن تجاوزا لذلك و حتى أمر للتعليق على الخبر ذاته أقول أن مسابقة الدوتشي فيله و التي هي مسابقة تشمل مدونات من عديد اللغات و مناطق العالم (لا تقتصر على المدونات العربية) تبدو نتيجة اختيار المرشحين فيها في المسابقة العربية عاكسة لصورة متمشرقة غير دقيقة عن ساحة المدونات العربية، بمعنى أن كل المرشحين هم متموقعون ضمن شبكات مشرقية و كأنه لا توجد مدونات مغاربية على الاطلاق... أقول ذلك و أنا على معرفة بمعظم المدونات المرشحة في المرحلة النهائية بشكل مسبق (مثل أكثرها حظا للحصول على اللقب "نثار") و هي متموقعة بشكل خاص ضمن شبكة مدونات مشرقية تسمى "توت" (يشرف عليها أساسا مدونون أردنيون)... و أعتقد أنه ليس من الصدفة أن يكون جل المرشحين موجودون على قائمة "توت" (ربما باستثناء "جزيرة تولك")... و هنا أريد أن ألاحظ أن "توت" شبكة رائعة حقا حيث أنها توفر نخبة من المدونات إما التي تكتب بالعربية أو خاصة بلهجات مشرقية أو تلك التي تكتب بالانجليزية و لكن أصحابها عرب (من بينها مدونتي في الفن و العمارة الاسلامية التي أحررها بالانجليزية) أو التي تكتب بالانجليزية و أصحابها غير عرب و لكن مهتمين بشؤون المنطقة (بالمناسبة مدونة "أزرق تحت الصفر" للمدون التونسي مروان موجودة بنسختيها العربية و الاجليزية على قائمة "توت" و كذلك أيضا مدونة "امتداد" المرشحة الثانية من خلال رقم التصويت يحررها ليبي يقيم في بريطانيا باللغتين العربية و الانجليزية.. بالمناسبة ميزة هذه المدونة المتميزة استعمالها لصيغة الندوين الصوتي/البودكاست).. و لكن نظرة سريعة على قائمة مدونات "توت" يمكن أن يوضح الوجود النادر للمدونات المغاربية (أغلب الموجود النادر مدونات مغربية)... و معظم هذه المدونات المغاربية (باستثناء مثال واحد من المغرب) موجودة بالأساس لاستعمالها الانجليزية... و بفعل استعمال عدد كبير من المدونات المغاربية للغة الفرنسية فإنه لا يمكن توقع وجودها على شبكة "توت"... و لكن أعتقد أن هذه الاختيارات من حق المشرفين على "توت" حيث أنهم لم يدعو تمثيل "التدوين العربي"... و هذا مشروع خاص بهم يعني هم وحدهم المعنيين بتحديد ماهية أعضاء شبتكم... لكن أنا هنا أتسائل هل يمكن أت تعكس مسابقة "أحسن مدونة عربية" إذا ما اقتصرت في خريطتها التدوينية على المشرق العربي بالفعل المشهد التدويني العربي؟... ألم يكن من المناسب أن يقوم المشرفون من الدوتشي فيله على اختيار "أحسن مدونة عربية" بدعوة المجمعات التدوينية المغاربية (تن-بلوقس من بينها) للمشاركة و المساهمة في هذه المسابقة حتى تكتسب هذه المسابقة مصداقية أكبر؟... أقول ذلك و أنا أعرف أن هناك مدونات تونسية تستطيع المنافسة مثل "بيغ تراب بوي" و "حاكم نورمال لاند" و "كلاندستينو" و "بودورو" و غيرها.... يمكن للبعض أن يعترض قائلا و لكن هذه مدونات تستعمل اللهجة الدارجة التونسية في كثير من الأحيان... و لكن ألا تستعمل المدونات المشرقية لهجاتها المحلية (المصرية، الفلسطينية الأردنية، اللبنانية...) و هو ما ينطبق على بعض المرشحين للمسابقة النهائية (مثل مدونة "بن عبد العزيز" المصري و هي مدونة متميزة بالمناسبة)؟.. لماذا تلك مفهومة و تعتبر إثراء للمشهد التدويني في حين تعتبر اللهجات المغاربية عائقا و غير مفهومة؟ من يحدد ما هو "مفهوم" و ما هو "غير مفهوم"؟

مرة أخرى أتمنى للمدون مروان حظا سعيدا في المسابقة و لكن أتمنى أيضا وجود مسابقات "عربية" بحق و حقيق أو حأ و حئيئ


عدد التعاليق: 5


كنت تحدثت على الباحث التونسي في الاداب العربية إلي انكشفت (في مقال كتبو فرج شوشان) سرقتو لمقال و تحويلو ليه لكتاب حول الموسيقى الأندلسية (السيد هذا إلي اللقب متاعو "الكحلاوي" شوهنا اسم العيلة و فمة برشة ناس سئلتني "آش يكون منك السيد" و الحقيقة قرابتي بيه كيف قرابتي بنور الدين الكحلاوي المزاودي يعني بلغة أخرى ما فمة حتى قرابة بيناتنا و ربي يهدي و برة)... على كل السيد قرر أنو "يوضح و يستدرك" على المقال متاع فرج شوشان في عدد اليوم متاع جريدة الصباح... أولا شطر المقال/الرد مقدمة طويلة عريضة خارج الموضوع حطنا فيها "السي في" (السيرة الشخصية) متاعو: ملخصها أنو كان صحفي و مبعد في 2003 ولى أستاذ جامعي... و بالتالي يلوم في شوشان على تقديمو ليه في المقال على أنو باحث جامعي في حين وقتلي نشر الكتاب المتهم بالسرقة كان وقتها "صحفي"... و الحقيقة إلي هذاية الكل ما عندو حتى محل من الاعراب لأنو أولا السيد هذا ماكانتش مهنتو صحفي بالأساس قبل ما يولي استاذ جامعي لأنو كان أولا و أخيرا أستاذ تعليم ثانوي و الدليل أنو كان عضو في النقابة العامة متاع التعليم الثانوي.. ثانيا،أنو و برة كان صحفي و إلا أستاذ و إلا يبيع في اللوح شنوة دخل هذا الكل في تفسير عملية سرقة أدبية؟ يعني الصحفي السرقة متاعو تستحق مقاربة أخرى؟ ثالثا، أخي الواحد كي يمارس السرقة في تاريخو ما قبل-الجامعي شنوة شنوة يمنع أنو يمارسها فيما بعد تاريخو الجامعي؟ هل مجرد وضع ساقو في الجامعة يأدي بيه لتحولات فيزيولوجية و نفسية؟

مبعد مقدمة ماعندها حتى معنى انتقل للموضوع إلي بيه فايدة... و لهنا ينطبق عليه المثل العريق "جا يطبها عماها"... علاش؟ خليني نحط الفقرات و الجمل إلي بيها فايدة: "كما هو معلوم صدر الكتاب عن «منشورات بوذينة» وكان الراحل محمد بوذينة متحمسا لاصدار كتاب عن «الموسيقى الاندلسية» خاصة والموسيقى العربية عامة، وتألفت بيني وبينه رحمه الله صداقة، اذ كان يتابع ما أكتب في الصحف والمجلات حول الموسيقى وغيرها من فنون، كتابة عشق وولع أو مشاركة بحسب ما تم بيانه، وقد أمددته بوثائق كثيرة نادرة عثرت عليها في مكتبات قديمة خاصة وعامة، وهكذا الى أن انعقد العزم على وضع تأليف حول الموسيقى الاندلسية وذكر وجوه التأثير في أوروبا مع بيان الأصول المشرقية العربية لهذه الموسيقى، فانطلقت في الأمر ووضعت الاقسام الاولى المتصلة بالموسيقى العربية قبل الاسلام، والموسيقى العربية بعد الاسلام ودور مدرسة ابن مسجاح.

وكنت قد اتخذت من دراسات الاستاذ عباس الجراري الذي أكن له كل التقدير والاعجاب دليلا ترشدني الى أصول الأمور، وهكذا الى أن وقعت بين يدي تلك الدراسة «أثر الاندلس على أوروبا في مجال النغم والإيقاع» عندها اطلعت الراحل بوذينة عليها فأخذ منها نسخة واخذ مني ما كنت قد ألفت دون مراجعة أو تثبت من الضروري أن أقوم به.. وهكذا الى أن أبلغت أن الكتاب في المطبعة، ظننت في البدء أن الأمر يتعلق بذاك الجزء الأول وتلك المقدمة التي وضعت وتمت تحليتها بصور لتكون من ضمن الكتيبات الصغيرة.. وهكذا الى أن صدر الكتاب على تلك الهيئة (سبتمبر 1998) وفيه من الاخطاء المطبعية وحتى اللغوية اضافة الى ضم عمل الاستاذ الجليل عباس الجراري والاكتفاء بالتنصيص على مصدر دراسة الاستاذ الجراري التي تشكل الجزء الأكبر من هذا الكتاب في الصفحة 104 كما أشار الى ذلك الاستاذ فرج شوشان.

تلك الحكاية، وهذه الحقيقة التي لم استطع مواجهتها آنذاك، ولم أر بدا في الدخول في معركة قد لا أكسبها وأنا المبتدئ في عالم الصحافة والثقافة والراغب في التفرغ للبحث العلمي،"

يعني لهنا السيد وحلها في الناشر محمد بوذينة (إلي هو الآن متوفي و ما ينجمش يدافع على روحو)... لكن حتى في الحالة هذيكة... وينو الجزء الثاني إلي يحكي عليه إذا كان النسخة إلي قدمها هي كيما قال "الجزء الاول"؟... ثم شنوة الجزء الاول هذاية إلي قدمو... إعادة طبع لمقال الجراري بدون أخذ إذنو مع مقدمة من السيد هذاية هذاية من دون ذكر المصدر سوى بشكل هامشي؟ ثم يقبل في النهاية وضع اسمو على الكتاب بالرغم إلي "الكتاب" هو في الحقيقة "مقال الجراري؟... شنوة هو "ما ألفت دون مراجعة أو تثبت"؟ فمة واحد يقدم نسخة بالطريقة هذية حتى نسخة أولية و حتى لكتاب بش يتنشر في سلسلة متاع هواة و مش باحثين علميين؟ و مبعد هذا و ذاك كيفاش واحد يسمح يبرر صمتو على السرقة الموضوفة هذية (إذا كان قبلنا الكلام المعوج السابق الكل) أن السيد هذاية ماراش "بد من الدخول في معركة قد لا أكسبها" و زيد يبرر هذاكة بأنو "المبتدئ في عالم الصحافة و الثقافة و الرغبة في التفرغ للبحث العلمي"؟ آخي شنية هل المعركة... ما هو جرد بيان ضحفي يبرئ ذمتك؟ آخي انت داخل في عركة مع أمريكا؟! و شنوةأحسن طريقة الواحد يتفرغ فيها للبحث للعلمي أحسن من تبرئة الذمة العلمية؟! ثم شنية "المبتدئ" هذية... السيد هذاية كاينو يقدمنا في حكاية متاع طفل مراهق و إلا في ريعان الشباب في حين هو كهل متقدم في السن وقتلي تنشر الكتاب و عندو هو زادة علاقاتو إلي ينجم يدافع بيها على نفسو...

الحقيقة شي يبعث على الحزن... في عوض تقديم اعتذار و الاقرار بالخطيئة السيد ولى شاريها للراجل و يختلق في تبريرات و يتهم في الناشر (المتوفي غير القادر على تقديم شهادتو) و يتمسكن...

كيفاش بش يقعدو الطلبة متاعو و يسمعوه في قاعات المحاضرات؟ كيفاش بش يقبلو إصلاحو لامتحاناتهم؟

في حالات كيفما هكة الامثولة الشعرية متاع "قف للمعلم..." تولي ما عندها حتى معنى... خاصة وقتلي يقومو اساتذة أخرين بتشويه سلك التعليم من خلال قضايا من نوع آخر تبعث على التقزز (كيفما هذية) فيها سرقة للأمانة التربوية


عدد التعاليق: 8








ربما البعض منكم يعرف شبكة فايسبوك إلي غالبية الطلبة في أمريكا موجودة فيها... على كل حال فمة برشة مجموعات في فايسبوك... و تكوين المجموعات هذية في فايسبوك تحول من ظاهرة جدية ("نضالية") في بعض الاحيان الى ظاهرة كوميدية و متاع جو بالأساس... و هذاية يعكس بشكل عام التبرم متاع الطلبة الأمريكان من السياسة و مللهم من السياسيين و الخطابات "النضالية"... الاتجاه هذاية تقابل مع ظاهرة أخرى كوميدية في أمريكا شعبيتها كبرت في الاعوام لخرة و إلي هي ظاهرة الكوميديا الاخبارية (كوميدي نيوز)... و هذية ظاهرة تزامنت في بدايتها مع جياني لهنا و تابعتها من بدايتها و تغرمت بيها برشة خاصة أنها تتعدى في الليل امخر و أنا من احباء البرامج متاع "اللايت نايت شووز"... على كل حال الظاهرة هذية بدات كردة فعل على السطحية و الانتقائية متاع معظم البرامج الاخبارية الأمريكية خاصة متاع القنوات الاخبارية التجارية (كيف سي أن أن و فوكس نيوز)... من الاول بدات من خلال برنامج يقدمو ممثل كوميدي "ذو ديالي شوو ويذ جون ستيوارت" (الكوميدي شانال).... إلي عملو جون ستيوارت هو أنو قام بتقديم برامج يحاكي فيها البرامج الاخبارية "الجدية" و لكن في الحقيقة يقوم بالتهكم عليها و فضح سطحيتها... بالشوية بالشوية البرنامج كبر و ولى ينافس في البرامج الخبارية بالحق حتى أنو فمة استطلاعات تقول إلي الناس ولات في الغالب تتفرج في الاخبار متاع جون ستيوارت... من أهم الاشياء إلي قام بيها ستيوارت زادة أنو ركز في التقد متاعو على ظاهرة قناة "فوكس" الاخبارية إلي أخبارها منحازة بشكل فاضح لليمين.. برز الصراع هذاية في الحرب على العراق... و للمفارقة برنامج ستيوارت ولى في الوقت هذاكة (قبل و مباشرة بعد الحرب) من البرامج النادرة إلي يقع فيها نقد قرار الحرب و فضح المبررات متاعو... طبعا هذا الكل يتم بشكل فكاهي و خذى عليه برشة جوايز كبيرة في أمريكا....

من بين المشاركين في برنامج جون ستيوارت كان ممثل مغمور اسمو ستيفين كولبرت... بالشوية بالشوية كولبرت عمل شعبية و في النهاية ولى عندو برنامج متاعو يتعدى مباشرة بعد برنامج جون ستيوارت يعتمد نفس الفكرة لكن بطريقة أكثر كوميدية: إلي عملو كولربت أنو خذى كنموذج برنامج مشهور لمذيع مشهور في فوكس نيوز يميني متطرف برشة اسمو بيل أورايلي و بدى كولبرت يقلد في البرنامج هذاية بهدف أنو يشلكو... من الاول وقع تجاهلو.. لكن بسرعة ولات عندو شعبية.. حتى أنو بيل أورايلي اضطر أن يستدعي كولبرت لبرنامجو (و طبعا صارت عركة بيناتهم و تشليك متبادل... فيديو الحلقة الفوق) و قبل دعوة كولربت (كيف كيف تشكليك متبادل).... كولبرت وصل لأكث من هكاكة بأنو أدى بالبيت الابيض لقبول استدعاؤو لحفلة رسمية (الاجتماع السنوي متاع المراسلين الصحفيين في البيت الابيض) بش يتكلم فيها قدام الرئيس بوش و تنجمو تتخيلو شنوة حصل (فيديو الكلمة متاعو الفوق على جزئين)... المهم كولبرت توة تفوق حتى على برنامج جون ستيوارت في عدد المشاهدين لأنو استعمل بشكل فعال الانترنت للتفاعل مع جمهورو... و مثلا توة أسرع مجموعة قاعدة تكبر في فايسبوك هي المجموعة متاع ستيفين كولبرت بهدف ترشيحو للانتخابات الرئاسية القادمة (؟؟!!).. هذاية مجرد مثال واحد على الشعبية هذية... و هذاية الكل طبعا ردة فعل على البرامج الاخبارية بودورو

بالمناسبة يمكن الاطلاع في موقع خاص في الانترنت (تابع قناة كوميدي شانال) على حلقات من برنامج جون ستيوارت و ستيفين كولبرت


عدد التعاليق: 4




كنت تحدثت توة نهارين إلتالي على موضوع التنافس بين مؤسستين لتمثيل الصحفيين... و توصلت لخلاصات من أهمها إلي "جمعية الصحفيين" قاعدة ترد في الفعل على "نقابة الصحفيين" و ما فكرت في تحويل "الجمعية" الى نقابة و في تنظيم مؤتمر إلا بعدما قامت "النقابة" تحت التأسيس بإقناع كثير من الصحفيين بحاجتهم لنقابة و بعدما نجحت في ضمان دعم الاتحاد العام التونسي للشغل (إلي هو الاطار النقابي العامي في تونس)... الجمعة إلي فاتت إتحاد الشغل أعلن عزمو تنظيم مؤتمر النقابة في 28 أكتوبر (أنظر في التدوينة السابقة أو على موقع جريدة الشعب)... آخي "الجمعية" عملت اجتماع و أعلنت إلي هي بش تأسس نقابة في اجتماع نهار 26 أكتوبر (يعني اليوم) في محاولة لاستباق مشروع نقابة اتحاد الشغل (أنظر بيان الجمعية في الصورة الفوق و النص في التدوينة السابقة).... يبدو أن القرار هذا ظهر كاينو فيه دعم من قبل بعض الأطراف لنقابة تأسسها الجمعية... فما كان من إتحاد الشغل إلا إصدار بيان (وصلتني منو نسخة منذ قليل... أنظر الصورة الفوق) يلغي فيها المؤتمر متاع 28 أكتوبر (في الحقيقة هو يقول "تأجيل" لكن ما يحطش آجال للتأجيل)... حتى هذه اللحظة يبدو أنو اليوم بش يقع الاعلان على أول نقابة للصحفيين من قبل "جمعية الصحفيين" يبدو أنها تحظى بدعم رسمي ... تكون "مستقلة" على اتحاد الشغل... فهل ستنجح هذه التجربة؟ خاصة أن هناك على ما يبدو تجاذب قوي بين الصحفيين حول الموضوع (يقال أن بعض الصحفيين استقالو من "الجمعية" بفعل نيتها في استباق مؤتمر النقابة)؟ و خاصة إلي "الجمعية" حتاش للحظة هذية ما قامتش بمبادرات كافية لإظهار صدقها في الدفاع عن المصالح المادية للصحفيين إلا في شكل ردود أفعال وقتية على قرار جانب من الصحفيين لإنشاء نقابة؟


لا يوجد أي تعليق


في العادة و منذ الثمانينات تقوم نشرية "يو أس نيوز أند وورلد ريبورت" بترتيب سنوي لـ"أفضل الجامعات الأمريكية"... هذا الترتيب يتم على أساس مجموعة من المقاييس من بينها معدلات "الأس آي تي" (بمثابة الباكالوريا) التي يتم بموجبها قبول الطلبة الجدد... غير أن أحد العاملين في هذه النشرية سابقا (بول قلاستريس) شكك في طريقة الترتيب و عمل من خلال وجوده في نشرية "الواشنطن مونثلي" على إقامة ترتيب جديد على أسس جديدة من أهمها : قدرة الجامعات على تأمين حراك اجتماعي (طلبة من عائلات فقيرة يرتقون اجتماعيا من خلال شهاداتهم الجامعية)، و مدى ملاءمة البحوث فيها لحاجات أمريكا بما في ذلك النمو الاقتصادي، و أخيرا مدى قدرتها على تنمية الشعور بقيمة التطوع و تقديم الخدمات للبلد.

على كل حال النتائج التي تم التوصل اليها مفاجئة... حيث احتلت جامعات غير مشهورة و تعيش على الدعم الحكومي أفضل المواقع بعكس ما يجري عادة في ترتيب "يو أس نيوز".... و بالنسبة لجامعات "الأي في ليق" (ألأقدم و الأثرى و جميعها خاصة في أمريكا) لم يتوصل لشغل المناصب العشر الأولي سوي جامعتي (جامعة بنسلفانيا) و جامعة كورنيل.... من بين المفاجآت أن جامعة برنستون العريقة جدا احتلت مرتبة متأخرة خلف جامعات مغمورة مثل "ساوث كارولاينا"... هذا الترتيب الجديد أحدث ضجة الى درجة أن الصحفي القائم عليه يتم استدعؤه لبرامج تلفزية مشهورة... مثلا الليلة وقع استدعاؤه في البرنامج الفكاهي الاخباري "كولبيرت ريبورت"...

الحقيقة من خلال تجربتي المتواضعة يبدو لي أي ترتيب غير دقيق و و شديد النسبية و بالتالي لا يعكس بأي حال حقيقة الأوضاع... مثلا كل قسم و كل حلقة بحث تبدو بالضرورة ذات خصوصية لا يمكن أن يتم ترجمتها على مستوى عام... إذا كان هناك شيئ نجح الترتيب الجديد في إثباته فهو قصور كل مقاييس الترتيب


عدد التعاليق: 1


باراك أوباما ثاني أهم المرشحين الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية القادمة يتمييز عن البقية بصغر سنه و بتصويته ضد الحرب على العراق و لو أنه في السياسة الخارجية بدى لي عموما متمسكا بمواقف مدرسة واقعية محافظة كنت أشرت اليها في هذا المقال ... غير أن صحيفة الشرق الأوسط نشرت اليوم تعريبا لحوار أجري معه أعتقد أنه من الأهمية بمكان لأنه يشير الى بعض التغير في آرائه من خلال التميز عن المدرسة الواقعية التي تهيمن على الحزب الديمقراطي

أهم ما فيه في علاقة بالعراق ليس الانسحاب الفوري المنظم و الكامل (على مدى عام) فقط بل أيضا اقراره بأهم نقطة في الجدال حول العراق و هي أن الوجود العسكري الأمريكي هو جزء من المشكل و لا يمكن أن يكون جزء من الحل (رغم بداهة هذه النقطة لدى الكثيرين إلا أن قليلين فقط في واشنطن يملكون الشجاعة للاعتراف بها)... بل أن أوباما يذهب الى أكثر من ذلك من خلال اعتبار هذا الوجود هو تحديدا سبب التوتر مع إيران و سورية


عدد التعاليق: 3


الحقيقة أخبار كيفما هكة تخليني نحس بتشاؤم كبير بالنسبة للحياة الثقافية و الاكاديمية في بلادنا.... لأنو ماهوش الأول....مثلا فمة توة أعوام إلتالي طالبة دكتوراة في قسم العربية في كلية الآداب بمنوبة قامت بسرقة أجزاء كاملة في رسالة الدكتوراة متاعها من كتاب يتحدث في نفس الموضوع و بالرغم من افتضاح المسألة فإنها تعدات رغم عن أنف اللجنة و زيد فوق هذاية ولات تدرس في الجامعة و هذا الكل بسبب تدخل المشرف عليها إلي هو أستاذ لسانيات معروف في الجامعة التونسية (أدلة و معطيات حول الموضوع متوفر على أحد مواقع الانترنت).... كل صيف نروح يحدثوني أصدقائي بما في ذلك أساتذة في الجامعة على أطروحات علمية تخلو من أشياء بديهية تنجم توصل للسرقة مثلا عدم القدرة على الاستشهاد البيبليوغرافي الصحيح.... المرة هذية فرج شوشان (إلي هو الحقيقة شخصية متواضعة من الناحية الفكرية رغم حضورو الاعلامي الطاغي) كتب مقال في جريدة الصباح (متاع اليوم 25 أكتوبر) قدم فيه معطيات دامغة على أن صحفي و أستاذ جامعي تونسي ("محمد الكحلاوي") سرق بحث كامل حول الموسيقى الاندلسية (لباحث مغربي) و حولو لكتاب بإمضاؤو... طبعا الموضوع مازال في بدايتو و من حق المعني أنو يقدم رد.... لكن المعطيات القليلة المتوفرة في مقال فرج شوشان اليوم في الصباح دامغة.... الخبر هذا يتسمى فضيحة بجميع المقاييس ... يعني السرقة تمثلت في كتاب كامل (باستثناء التقديم متاع عبد الحميد بالعلجية).... زيد الخبر هذا يمسني بشكل شخصي لأن السيد المعني بالسرقة يحمل نفس لقب عايلتي و بالتالي يشوه اسم العايلة بالرغم إلي ما فماش قرابة بيناتنا (هو أصيل "الكحلاوي" من غار الدماء و عايلتي أصيلة المكنين)... و زيد نعرف الشخص و لو من بعيد و بالرغم أني ما كنتش نراه شخصية فكرية مهمة إلا أني ما كنتش نتصور أنو يوصل لهنا... نعرفو لأنو كان في آخر الثمانينات بداية التسعينات (قبل ما يولي أستاذ جامعي) عضو في النقابة العامة للتعليم الثانوي... إلي كان والدي في الماضي كاتبها العام.... و كانو على طرفي نقيض من الناحية السياسية.... و بمعزل عن الخلافات السياسية فإني نرى إلي الموضوع هذاية يلزم ياخذ حقو... يعني السيد أستاذ جامعي.... كيفما قال شوشان في أقل الاحوال يعتذر بشكل علني... شي فعلا يحزن



عدد التعاليق: 12


يجري صراع في السنين القليلة الماضية في صفوف الصحفيين التونسيين بين مؤسستين تتنافسان على تمثيلهم. الأولى هي الأقدم و تسمى "جمعية الصحفيين التونسيين" و لكن لأسباب مختلفة تراجع دورها التمثيلي من ذلك عدم وجود مهام نقابية لهذه المؤسسة بالإضافة الى تراجع مصداقيتها خاصة عند تجميد عضويتها منذ سنوات في "الاتحاد الدولي للصحفيين" (قبل إرجاع تفعيل عضويتها في مؤتمر موسكو الأخير) و ذلك بسبب اتهامات تخص عدم دفاعها عن "حرية التعبير" الصحفية (و هو ما تم تداركه عبر سلسلة من التقارير السنوية في الأعوام الأخيرة). في إطار هذه الظروف أسس مجموعة من الصحفيين "نقابة الصحفيين التونسيين" (برئاسة الصحفي لطفي الحاجي و الكتابة العامة للصحفي محمود الذوادي) و برزت هذه "النقابة" (التي لم تحظ باعتماد رسمي) في السنين الأخيرة من خلال إصدار سلسلة من التقارير أبرزت الواقع المادي المتردي لكثير من الصحفيين التونسيين (في بعض الصحف لا يتقاض الصحفي أجرا أكثر من 200 دينار شهريا!) بالاضافة لواقع الحريات الصحفية. برغم ذلك شهدت هذه المؤسسة بعض الهزات خاصة بسبب التوجهات السياسية المتضاربة لقيادتها إضافة طبعا لمحدودية نشاظها بفعل طابعها غير الرسمي. لكنها نجحت في إثارة الانتباه الى حاجة الصحفيين التونسيين لتأسيس نقاية مهنية تدافع عن مصالحهم المادية. و أدى ذلك الى قرار الاتحاد العام التونسي للشغل (المؤسسة النقابية العريقة في تونس) تبني الصحفيين التونسيين و احتضان مؤتمر تأسيسي لنقابتهم في إطار اتحاد الشغل. كان ذلك في نهاية الربيع الماضي و هم ما تم عبر استقبال اجتماع قام برئاسته قادة "نقابة الصحفيين التونسيين" و شارك فيه عدد من الصحفيين ينتمي بعضهم لـ"الجمعية". و كان من الملفت للانتباه أن "جمعية الصحفيين" بادرت حينها و لأول مرة لنقاش إمكانية تحويل الجمعية لنقابة مهنية. هذا التجاذب التمثيلي يتكرر هذه الأيام: فقد صدر آخر الاسبوع الماضي الخبر التالي في جريدة الشعب (عدد 20 أكتوبر):

مؤتمر نقابة الصحافيين

أصدرت الاتحاد الجهوي للشغل بتونس البلاغ التالي :

يعلم المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بتونس أن مؤتمر نقابة الصحافيين التونسيين قد تقرر عقده يوم الاحد 28 أكتوبر 2007 على الساعة العاشرة (10.00) صباحا بدار الاتحاد العام التونسي للشغل 29، بطحاء محمد علي تونس.
فعلى المنخرطين الراغبين في الترشح لعضوية المكتب النقابي ممن تتوفر فيهم الشروط القانونية التقدم بمطلب ترشحهم باسم الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس في أجل أقصاه يوم 25 أكتوبر 2007.


و يبدو أنه كرد على ذلك أصدرت "جمعية الصحفيين" اليوم البيان التالي (الذي تلقيت منه نسخة منذ قليل) و فيه

تونس في 24 أكتوبر ‏2007

بــــــلاغ

انعقد صباح اليوم 24 أكتوبر 2007 اجتماع تشاوري بمقر جمعية الصحفيين التونسيين ضم عددا من مناضلات ومناضلي الجمعية ، حول آخر مستجدّات الساحة الصحفية.

وبرز بين المشاركين في هذا الاجتماع توافق على اعتبار أن بعث نقابة وطنية مستقلة للصحفيين التونسيين يعتبر خطوة متقدمة على طريق تجسيد قرار الصحفيين الاستراتيجي ببعث اتحاد الصحفيين التونسيين.

ورأوا أن النظر في مشروع تاريخي بمثل هذه الأهمية يستوجب تشريك عموم الصحفيين في اتّخاذ القرار بشأنه.

وبناء على ذلك تدعو الهيئة المديرة كافة منخرطي الجمعية إلى حضور اجتماع عام يوم الجمعة 26 أكتوبر 2007 على الساعة الثانية بعد الزوال بنزل الهناء الدولي بالعاصمة للنظر في المشروع المقدم في هذا الغرض والبتّ فيه.

عن الهيئة المديرة

رئيس الجمعية

فوزي بوزيان

إن ما يجري يدفعني الى مجموعة من الاستنتاجات

أولا، من الواضح أن "جمعية الصحفيين" تقوم بمبادرات تتسم برد الفعل على مبادرة نقابة الصحفيين و هو ما يشير أننا إزاء صراع ليس حول البرامج و لكن حول حلقات تقليدية و أخرى جديدة تتنافس حول تمثيل الصحفيين

ثانيا، النتيجة المباشرة لذلك ستكون انقسام الصحفيين و هو الأمر السلبي خاصة عند تأسيس نقابة من المفترض أن تستمد قوتها من اتحاد أعضائها أو تمثيلها لعدد واسع من الصحفيين

ثالثا، أصبح من الحتمي أن الصحفيين سيؤسسون نقابة مهنية

رابعا، لم يثبت بعد و بالنظر الى التجربة التاريخية أن نجح عمل نقابي في تونس خارج الاتحاد العام التونسي للشغل و الذي نجح في السنوات الأخيرة الى توسيع صفوفه حتى ضم "نقابة الفنانين التونسيين" و غيرهم... بالرغم من استمرار ضعف (و ليس غياب) الاتحاد من المؤسسات الخاصة

ملاحظة أخيرة: في الاقطار العربية الأخرى هناك تجارب لنقابات "مستقلة" و أهم هذه الأمثلة المثال المصري و لكن ذلك يرجع على الأرجح لضعف اتحادات الشغل الرئيسية و التي تعاني في مصر من ضعف بالغ مما أدى الى تأسيس نقابات بديلة تعاني من الحصار الرسمي و هو الأمر الذي تجسم في إضراب عمال شركة غزل المحلة في السنة الأخيرة.... نقابة الصحفيين المصرية قوية و نجحت منذ أسابيع في تنظيم اضراب (احتجاب عن الصدور) احتجاجا على حبس رؤساء تحرير صحف... و بالمناسبة فقد تم اليوم تأجيل القضية المرفوعة ضد أحدهم... ارئيس تحرير جريدة الدستور ابراهيم عيسى


لا يوجد أي تعليق


كثر الحديث، إلي حد يقارب الثرثرة، حول مدى إمكانية حدوث ضربة أمريكية (بمعزل عن حجمها و طبيعتها) ضد إيران. الحقيقة بدأت في التحضير لمقال حول الموضوع و لكن أحبطتني كثرة الكتابات و التأويلات حول الموضوع، حيث أصبح الأمر مستهلكا و قليل الأهمية من شدة تكرار التكهنات. لكن رغم ذلك فقد تابعت الليلة بمتعة كبيرة الحلقة الجديدة من برنامج "فرونتلاين" (على قناة بي بي أس الأمريكية) حول هذه المسألة. و لمن لا يعرف برنامج "فرونتلاين" فهو برنامج وثائقي دوري أعتبره شخصيا من أهم البرامج التلفزية في العالم. و ذلك للأسباب التالية: يقع تحضيره بحرفية كبيرة مما يجعله شبيها بمقال أكاديمي معمق و لكن مع مسحة مشهدية و سردية تجعله مقبولا للمتفرج العادي، ثم لأنه يتوفر على قرب خاص من مصادر صنع القرار في واشنطن (و من ثمة في العالم) و هذا لا يعني خضوعه لها بل قدرته على تحقيق "السكوب" و إقناع أشخاص مؤثرين بقول أشياء لا يقولونها في برامج أو مواقع أخرى، و أخيرا لأنه متوازن بمعنى أن القائمين عليه لا يخضعون لسلطة سياسية أو مالية معينة مما يجعل مساحة "البحث عن الحقيقة" أوسع بالنسبة للقائمين عليه. فالبرنامج من إنتاج قناة "بي بي أس" و هي القناة الوحيدة في أمريكا التي يمكن أن نطلق عليها توصيف "العامة" حيث يقع تمويلها جزئيا من مصادر فيدرالية (و رغم ذلك لا يستطيع البيت الأبيض أن يعين القائمين عليها من دون تدخل بقية السلطات التشريعية) و كذلك من قبل مصادر مالية خاصة لا تشترط التدخل في خط التحرير (بعكس القنوات المهيمنة الخاصة و هي ملك مباشر لشركات إعلامية و إعلانية و فنية معينة) و هو ما يعني مشاهدة برامجها من دون "الومضات الاعلانية" المملة. مثلا (في حلقة الليلة) من هذا الموقع أمكن للقائمين على البرنامج عمل شيئ لا يمكن توقعه من القنوات الأمريكية الكبيرة (حتى الاخبارية منها) أي الذهاب الى طهران و مقابلة مسؤولين إيرانيين مؤثرين في الوضع الراهن لم يتعودوا على الادلاء بتصريحات لوسائل الاعلام (خاصة "جعفري" قائد "جيش القدس" المتهم بالإشراف على العمليات الإيرانية داخل العراق).

و لهذا أحرص على متابعة و تسجيل حلقات "فرونتلاين" و كنت سعيدا عندما قررت القناة توفير كل الحلقات كاملة على الانترنت في الأعوام الماضية. إذا الحلقة الجديدة عن إيران (المتوفرة بدورها على النت) لم تقم في الحقيقة بالتوصل الى نتائج حاسمة لكنها قدمت قراءة شاملة و متجانسة لتطور العلاقة بين إيران و الولايات المتحدة و هو ما سمح بالاشارة الى نقاط ليس من المعتاد التعرض اليها مما يصل الى الكشف عن حقائق إما مغمورة أو غير معروفة. أهم هذه المعطيات تلك المتعلقة بالتعاون غير المعلن بين الطرفين و خاصة في ظروف الحرب على إفغانستان ثم العراق. تم الحديث عن الدور الإيراني الحاسم (من خلال حلفائها الأفغان) في دخول القوات الأمريكية الى كابول. تمت الاشارة مثلا الى وثيقة مهمة لم يتم تغطيتها في الوسائل الإعلامية المرئية الأمريكية و هي مقترح إيران في أفريل 2003 للتفاوض مع الإدارة الأمريكية، و هو الموضوع الذي تعرضت له صحف أمريكية و كنت خصصت عنه مقالا في موقع الجزيرة نت. من بين الأشياء غير المعروفة هي المفاوضات التي تمت في نيويورك بين عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي زلماي خليلزاده (السفير الأمريكي لاحقا في العراق) و ممثل إيران في الأمم المتحدة و ذلك أشهر قليلة قبل الحرب على العراق و كيف نصح الأخير بإشراك إيران في العملية الأمريكية للإطاحة بالنظام العراقي... ثم الدور الإيراني في دعم "المعارضة العراقية" من خلال إشراك المقربين منها في الأشهر التي سبقت التحضير للحرب. ربما الأمر الأساسي الذي يقع فهمه من هذه الحلقة هو رغبة الادارة الحالية ليس على القيام بالضربة بقدر رغبتها في القيام بالإيهام بقيامها بضربة في المدى القريب


عدد التعاليق: 10


توة فمة مدة قاعد يزيد الحديث على البرامج العملية لتحقيق حلم انتاج الطاقة النووية في تونس (شخصيا نسمع في الحديث هذا من أعوام من خويا إلي كان من ضمن حاملي الدكتوراة في الفيزياء النووية إلي وقع تكوينهم للغرض و يعملو توة في المركز الوطني للعلوم و التكنولوجيا النووية).. هذية مسألة حيوية برشة بالنسبة لمستقبل الطاقة في بلادنا خاصة قدام الارتفاع الكبير لسعر برميل النفط (زاد على تسعين دولار).... طبعا على المدى القصير مازلنا بش نعانيو خاصة إلي الأزمات المرتقبة في بحر الخليج بش يزيدو يعقدو الأمور... على كل حال بالرغم إلي تونس تتسمى متأخرة على أقطار عربية أخرى كيف مصر و سوريا و المغرب إلا أنو بداية تفعيل المشروع من خلال جلب ... الماكينات الضرورية (جريدة الشروق متاع اليوم) مهم في اتجاه اتمام المشروع سنة 2020.... طبعا بش يقعد فمة مشكل استيراد اليورانيوم (ما عندناش في تونس) إلي ممكن بش يولي في أهمية النفط في المستقبل لكن هذاية يعني تنويع موارد الطاقة و بالتالي عدم الارتهان لمصدر واحد و التقلبات متاع الأسعار متاعو... و حتى مشكل النفايات النووية فإنو وقع الحد منو بشكل كبير من خلال المولدات الفرنسية من "الجيل الرابع" (جينيراسيون كاتر) و هي النوعية إلي بش نستعملوها في نهاية الأمر... بالمناسبة أفضل تكنولوجيا نووية في العالم حاليا موجودة في فرنسا.. هذاية يرجع أنو الأمريكان تراجعو على إنتاج الطاقة النووية السلمية من السبعينات (في إطار ضغط حركة السلام)... و توة الأمريكان قرروا الرجوع للطاقة النووية السلمية و بش يستعينو بالخبرات الفرنسية في المجال هذاية... برنامج "60 دقيقة" الاخباري في قناة سي بي أس عمل في أفريل إلي فات فقرة على الموضوع هذاية مهمة برشة

الشروق 23 أكتوبر
تحقيقات
الطاقـــــة النوويـــــــــة في تونــــــــــــــس: دراسة إنجاز المفاعل التجريبي جاهزة...

* تونس (الشروق)
انطلق بالمركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية تركيز مشروع المعجّل الاليكتروني لإنتاج الأشعة المؤيّنة وذلك بعد وصول التجهيزات، قادمة من فرنسا.
ويجري تركيز هذا المشروع بتعاون تونسي فرنسي مشترك أي تحت إشراف خبراء من البلدين.
تبلغ كلفة هذا المشروع 6 ملايين دينار في حين تبلغ طاقة انتاجه 10 ملايين اليكتروفلت.
وإلى جانب مشروع المعجّل الالكتروني علمت «الشروق» أنه تمّ الانتهاء من إعداد دراسة إنجاز المفاعل النووي التجريبي triga mark II الذي سيتمّ تركيزه بالمركز.. وهو مركز تجريبي سيتمّ اعتماده كمركز نموذجي للتكوين والإعداد لمباشرة العمل في المفاعل الصناعي الذي سينطلق نشاطه سنة 2020.
تبلغ كلفة إنجاز المفاعل التجريبي حوالي 70 مليار في حين تبلغ طاقة انتاجه 2 ميغاوات.. وقد أوضحت مصادر لـ»الشروق» أن الانطلاق في تركيزه قرار «اقتصادي ـ سياسي» يحتكم بالأساس الى ميزانية الدولة وإلى الاعلان الرسمي.
هو مركز للتكوين، حرفاؤه الباحثون والأخصائيون والتقنيون، وهو ضرورة رغم صغر حجمه وضعف قدرته الانتاجية لتكوين هؤلاء حتى يكونوا الطاقم الأمثل لمباشرة العمل بالمفاعل الصناعي الذي سيتم تركيزه الى حدود 2020.
«هذه الضرورة» تحدث عنها السيد الحبيب الأزرق، الوزير السابق وعضو المجلس الاستشاري الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيا، في لقاء نشرته «الشروق» سابقا فقال: «لا بد من تركيز مفاعل تجريبي يكون النواة الأولى للتكوين قصد تأسيس ثقافة نووية تتفاعل مع الخطر وليكون طاقم العمل أكثر دقة وأكثر مسؤولية للعمل بالمفاعل».
ويقول أيضا: «لا بدّ من الفصل بين المشاريع وتركيز «تجريبي» يسبق «الصناعي» ذلك أن هذه العملية تروّج لثقافة «تخصيب اليورانيوم» وسط المركز ووسط الجامعة حتى تكون هناك دراية مسبقة للاستعمال الآمن»..
تدوم مدة تركيز هذا المفاعل 5 سنوات غير أن قرار انطلاق تركيزه مازال عالقا بـ»القدرة المادية» للدولة.. فحجمه يبلغ 70 مليارا من المليمات.. وقدرته الانتاجية ضعيفة ولا تضمن انتاج هام يؤكد حضور الطاقة النووية كضلع هام في مربع الكوكتيل الطاقي لتونس.
أما المفاعل الصناعي فقد تمّ تكليف الشركة الوطنية للكهرباء والغاز منذ 03 نوفمبر 2006، أي منذ سنة تقريبا، بإعداد دراسة إنشاء المفاعل.
وستدوم مدة إنجازه 15 سنة على الأقل وسينتمي نشاطه الى الجيل الثالث من التاريخ النووي.
وتتمثل مواصفات الجيل الثالث، الذي انطلق العمل به منذ فترة في مفاعل EPR الفنلندي، في التحكم أكثر في احتراق اليورانيوم أي توفير أكثر سلامة.. في انتظار الجيل الرابع وهي مفاعلات متطورة جدا تنشغل 11 دولة مصنعة على الإعداد لها وهو مشروع يعرف بـGIF ويهدف الى تكرير النفايات النووية.
ويعدّ تركيز المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهرو نووية خيار استراتيجي تسعى أغلب الدول لكسبه.. ومنهم تونس التي دفعتها محدودية الموارد الطاقية والارتفاع المشط لأسعار المحروقات الى حجز مقعد نووي خاصة وأن للنووي مزايا عديدة وصفها السيد عادل الطرابلسي، المدير العام للمركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية في محاضرة له في مجلس النواب، بالمتكاملة أو «كاملة الأوصاف» التي توفر إيجابيات عديدة للفلاحة والصناعة والصحة والثقافة.
غير أن ارتفاع الأسعار في سوق «الطاقة» العالمي لا يتوقف عند الغاز أو النفط فقط.. فسعر اليورانيوم أيضا في طريقه نحو الارتفاع، وربما قد ينضب خلال السبعين سنة القادمة.. وقد تضاعف سعر اليورانيوم أربع مرات من سنة 2003 الى سنة 2004.. وتمتلك كندا وأستراليا وكازاخستان أكثر من 50 من المخزون العالمي لليورانيوم.. وفي تونس يوجد اليورانيوم بكميات ضعيفة في الفسفاط.. لذلك ستكون بلادنا «رهينة» توريد الكميات وما يتبعها من خضوع للأسعار العالمية.
المفاعل النووي التونسي سينطلق نشاطه بعد سنوات عديدة ونجاح التحكّم فيه وإنتاج الطاقة بأمان بعيدا عن خطر تسرّب الاشعاعات يبقى رهين الإعداد المحكم والتكوين المتكامل في المفاعل التجريبي الذي مازال ينتظر قرار رسمي لإنجازه ورصد «حقيبة» تكفي لاقتناء التكنولوجيا الخاصة به.. لذلك يعدّ المفاعل «الصغير» خطوة أولى هامة في عمر إنجاز المفاعل الكبير..



عدد التعاليق: 16


في حوار بين "ماهيفا" و بيني توصلنا الى التعبير عن رغبة في النقاش الهادئ و الجدي حول مسألة العلمانية . و قد كنت عبرت على وجهة نظري في الموضوع من خلال مقال بعنوان "السرديات الشمولية لعلاقة الدين و الدولة و تاريخانيتها" (صدر في مجلة الآداب عدد جويلية و أوت و سبتمبر 2007) و اقترحت على من يختلف معي في الرأي التوجه للنص و نقده و أنا على استعداد للتفاعل مع ذلك... "ماهيفا" من جهتها قامت بطرح مجموعة من الأسئلة حول المقال تعكس على الأرجح وجهة نظر خاصة و لازلت طبعا أتوقع طرحا أكثر اتساعا من قبلها من خلال طرح أجوبة على الأسئلة التي طرحتها... و لكن إزاء الدعوة التي قامت بها "ماهيفا" لم أر حقيقة كثيرا من الردود خاصة من الأطراف التي تردد بشكل مستمر عن اهتمامها بالموضوع... و لم ألحظ سوى وجود ردين (الأول في شكل تدوينة هنا و الثاني في شكل تعليق أنظر التعليق الخامس هنا)... سأتعرض لأولهما فيما يلي
الرد الأول كان من قبل مدون سبق أن أشرت الى عدم جديته في نقاش هذه المسائل.. و كان من المخيب للآمال استمراره في نفس الأسلوب بعد الدعوات المستمرة لنقاش هادئ... حيث علق بنفسه على رده بأنه رد "غير هادئ" (أنظر التعليق الرابع هنا) إصرار على ممارسة أسلوب استفزازي في النقاش... كما كان رده غير ناضج حسب رأيي و هو الأمر الذي سأبينه تباعا... و رغم ذلك و تعبيرا عن رغبتي في المساهمة في خلق نقاش هادئ و جدي سأقوم هنا بالتعليق على هذه التدوينة

يقوم المدون بمقدمة تفوق كما حجم ما كتبه في صلب الموضوع أي في الرد على مقالي... و بدت لي هذه المقدمة ليست خارجة عن الموضوع فحسب بل تحتوي على عدد من الملاحظات غير الدقيقة بل و المغالطات... و إذا تجاوزت عددا من المصادرات الإطلاقية و التي لا توحي بأننا إزاء كاتب يبحث و يفكر جيدا قبل تقرير مسلماته (من نوع "لأنّ النقاش والنزاعات الفكرية منبوذة في مجتمعاتنا والنقد جريمة قائمة الذات. وتاريخ مجتمعاتنا يقدم الدليل القاطع على ذلك. فالسمة المميزة لهذه المجتمعات تهميش الفكر والمفكرين .فقد أحرقت كتب ابن رشد واتلف كل ما كتبه المعتزلة"... و هنا بالمناسبة أي شخص يمحص في كلامه سيرى من الضروري أن يستفسر عما إذا كانت مؤلفات المعتزلة قد تم إتلافها فعلا أم لا قبل إطلاق مثل هذه المصادرات... فنظرة بسيطة على الدراسات الأكاديمية حول هذه الفرقة سيوضح كم المخطوطات المحفوظة من تأليف المعتزلة و التي يتم اكتشافها تباعا منها مثلا المجموعة المشهورة المحفوظة في اليمن... و هذا مجرد مثال على هذا النوع من المسلمات في هذه التدوينة و التي يتم اطلاقها بدون تروي أو تواضع علمي)... غير أنه عدى ذلك لفتت انتباهي ملاحظات أخرى في علاقة بالجدال الراهن في المدونات التونسية حول العلمانية... و علي سبيل المثال يقول المدون عن النزاع الذي جد على المدونات التونسية حول موضوع العلمانية بأنه صراع بين "اسلاميين" و "علمانيين ("جزء منهم يرى أن الخلاص يكمن في الدين وتحديدا الدين الإسلامي، والجزء الآخر يرى أن المشكلة في هذا الدين الذي ترى فيه المجموعة الأولى طوق النجاة") و على الرغم من هذه الحدية في تقييم مواقف المدونين التونسيين من خلال حصرهم في "فسطاطين" (إما أبيض و إما أسود) فإن هذا المدون لا يرى أي داعي لتقديم أمثلة للتدليل على هذا التقييم بالرغم من ترديده المستمر لتمسكه بالمنهج العقلاني (و من ثمة الاستدلالي)... و لا أرى حقيقة أين وجد هذا المدون فيما أكتب أو يكتبه مدونون يتبنون رؤية تقرب ربما من رؤيتي (مثلا "حاكم النورمال لاند" أو "فري رايس") أنها تعتبر "الخلاص يكمن في الدين و تحديدا في الدين الاسلامي". و ملاحظة مثل هذه تجعلني إما أشك في أن هذا المدون قد قرأ المقال أو هو يتعمد المغالطة من خلال تجاهل ما ورد في مقالي: حيث أن جزءا من الآراء التي أتوجه اليها بالنقد في مقالي هي تحديدا الرؤية الإسلامية. كما لا أرى في نفس الاتجاه أن أي علماني يرى ضرورة "أن المشكلة في هذا الدين". حيث هناك أمثلة لا حصر لها (و بعضها تعرضت له في مقالي) يتبنى الرؤية العلمانية من دون أن يعتبر "المشكلة في هذا الدين" و هو حسب رأيي موقف متوازن حيث لم يبلغ الى علمي أي تعريف رائج للعلمانية، في سياقها الغربي الكلاسيكي، يعتبر "المشكل في الدين" (أية دين) بل إن من أهم أسس العلمانية هو تحييد الدين و اعتباره جزءا من الحياة الخاصة و ليس بالضرورة "مشكلا" يجب القضاء عليه او استئصاله... طبعا هذا باستثناء المرحلة اليعقوبية الوجيزة في الثورة الفرنسية و بعض الطروحات "الماركسية" خاصة في بعض مراحل الفترة الستالينية حيث وقع اعتبار "المشكل في الدين" عند إقامة العلمانية.... و هي الطروحات التي ربما تأثر بها هذا المدون

أنتقل الآن للملاحظات التي وردت في هذه التدوينة و التي تعرضت لنص مقالي بهذه الدرجة أو تلك و التي سأعلق عليها تباعا

يقول هذا المدون

"الآداب اللبنانية التي قبل طرحها موضوع العلمانية طرحت موضوع الطائفية في الوطن العربي. وتناولته بالبحث في أربعة أعداد متتالية. وقد توجهت المجلة ـ_المجلة هي التي توجهت لهؤلاء وبمقابل مالي وهذا مذكور بالمجلة ذاتها- إلى عديد المختصين في عديد البلدان العربية ليكتبوا لها عن الطائفي... فجدّية مقاله يستمدها من كونه ظهر بمجلة الآداب متجاهلا أن مجلة الآداب تستمدّ جدّيتها من الكتـّاب الذين تتوجه لهم بالدعوة إلى الكتابة لها. فهو قد سعى بنفسه إلى الكتابة بهذه المجلة التي كان يجهل ما إذا كانت المجلة شهرية أم تصدر كلّ شهرين أم كل ثلاثة أشهر كما كان يجهل حتى ما إذا كان سماح إدريس رئيس تحريرها رجلا أم امرأة، ثم و بقدرة قادر، أصبح صديقه الذي أعطاه وعدا بنشر مقال له قبل شهرين من صدور العدد، و ذلك قبل الاطّـلاع على موضوع المقال"

بالرغم من أني لا أرى أية علاقة مباشرة بين نص مقالي و هذه الملاحظات إلا أني أعرضها هنا لكي أشير الى الأسلوب المستفز و المشخصن في هذه التدوينة... و أود في هذا الاطار طرح الملاحظات التالية: أولا، لنفترض جدلا أن كل ما ورد في هذه الفقرة صحيح ما علاقة ذلك بنص مقالي و محتوى الأفكار التي وردت فيه؟ ثانيا، بالنسبة لعلاقتي بسماح إدريس فقد كنت صريحا في الحديث عنها... و ليس أدل على ذلك من إشارتي في وقت سابق أني فعلا لم أكن أعرف ما إذا كان "سماح" إمرأة أو رجلا... و لم أرى في ذلك أي فارق عند قرائتي مقالاته سابقا.. و سأسوق هنا بعض الملاحظات عن علاقتي بسماح إدريس و التي ربما تشبع النزعة الفضولية (غير البريئة) لهذا المدون بالرغم من الطابع الشخصي الذي ليس من المفترض أن يهم أحدا غيري و غير سماح إدريس.... ففي وقت سابق يفوق العام (و ليس الأشهر) كنت اتصلت بسماح للاستفسار عن إمكانية نشر الآداب لمقالات في الفن الإسلامي و حينها كان التعارف خاصة بعد أن علمنا أن لزوجته (التي تحصلت على رسالة الدكتوراة في جامعة برنستون) أصدقاء مشتركين معي... حيث أخذت العلاقة حينها بعدا حميميا (بالمناسبة سماح إدريس ليس غريبا عن الأجواء الاكاديمية الأمريكية حيث تحصل على دكتوراه في جامعة كلومبيا و ساهم ذلك في التقارب بيننا)... على كل تواصلت العلاقة على هذا النحو حتى أتى موضوع العلمانية... و قد سبق اختيار الآداب للعلمانية كأحد موضوعاتها بأشهر قليلة ندوة وقع تنظيمها في شهر ماي 2007 من قبل المركز الثقافي الدانماركي في دمشق تحت عنوان "العلمانية في المشرق العربي" (أشغال الندوة صدرت في كتاب فيما بعد و بعض مقالاتها وقع تضمينها في العدد الأول من الآداب حول العلمانية) أثارت ضجة في الأوساط الثقافية السورية و اللبنانية و وصل صداها لي عبر رسائل الكترونية.... و هو الأمر الذي تزامن مع رغبة قديمة لدى هيئة تحرير الآداب لتخصيص ملف حول الموضوع يلي موضوع الطائفية.... على كل حال اهتمامي بالموضوع كان في هذا الإطار الزمني... و فعلا أرسلت مختصر مقال (ملخص مقال يحمل أفكار أساسية) لسماح للاطلاع عليها... و هو ما توافق تحديدا و بشكل متصادف تماما مع الرؤية التي رغبت هيئة تحرير الآداب في طرحها و التي كانت رؤية مخالفة لما هو سائد في الساحة الثقافية.... و هذه نقطة محورية سأعود اليها فيما بعد لعلاقتها المباشرة بالرؤية التي طرحتها في مقالي و مقارنتها ببقية المقالات الواردة في عدد الآداب حول العلمانية... لكن سأتوقف هنا عند مسألة أخرى و هي استكتاب الآداب للكتاب في ملفات محددة... و الحقيقة أن هناك، مثلما هو الحال في أي دورية أكاديمية محترمة، طريقتين للنشر... إما إرسال دعوة استكتاب من قبل المجلة لعدد من الكتاب خاصة إذا تعلق الأمر بملف معين أو تقديم كتاب مقالات للنشر و هنا تخصع المقالات لرأي هئية التحرير التي تقرر أي المقالات تستحق النشر... ما تم في هذه الحالة أن المقال الذي أردت نشره و من ثمة عرضت ملخصا منه لهيئة التحرير (و لم أكن حينها على علم بوجود ملف حول العلمانية) صادف أن رؤيته متطابقة مع الرؤية التي يرغب فيها القائمون على المجلة و على ملف العلمانية تحديدا (ياسين الحاج صالح و سماح إدريس)... و الحقيقة لا أرى كيف يكون عرض مقالي لمجلة لكي تنشرها أمرا معيبا أو يبعث على العار... فهل يعرف هذا المدون كيفيات النشر في الدوريات الأكاديمية حتى يسمح لنفسه في التوغل نحو تأويلات تنم على الجهل من هذا النوع؟... و هنا توجد نقطة يجب الاشارة اليها: و هي أن مجلة الآداب لا تقدم عموما (إلا في حالات استثنائية جدا) خاصة في ظروفها الحالية مقابلا ماديا على المقالات المنشورة فيها... و ذلك لسبب بسيط، حيث تعاني المجلة منذ سنوات (عندما قاربت سنة 2001 على التوقف) و حتى الآن من مصاعب مادية كبيرة تواجه مثيلاتها من المنابر الثقافية العربية التي تعاني من الفاقة رغم قيمتها الكبيرة (ينطبق ذلك أيضا على مركز دراسات الوحدة العربية و مجلة المستقبل العربي).... على كل أورد هذه الملاحظات للتعليق على الأسلوب الصبياني الذي يميز الفقرة أعلاه و التي أوردت مجموعة من التأويلات المشخصنة التي ليس لها علاقة مباشرة بنص مقالي و التي كان يمكن لكاتبها الاستفسار عنها مني شخصيا لو كان يتصرف بحسن النية المفترض من كل من يرغب في حوار جدي و ناضج

يقول هذا المدون في تعليق عام على ما كتبته

"فكل من الذين كتبوا في هذا الملف ( الطرابيشي، العظمة، قرم، الصابغ، غليون) تناولوا وضع العلمانية ودورها في معالجة الأوضاع الراهنة. فدون عناء يذكر قد يستطيع كل قارئ اكتشاف سلاسة الأفكار و وضوحها وكيفية إقامة الحجج والبراهين للدفاع عن مقارباتهم
فما موقع مقال الباحث التونسي طارق الكحلاوي
المعنون بالسرديات الشمولية لعلاقة الدين بالدولة و تاريخانيتها من هذا الوضوح في الرؤية؟ و ما هي الحجج المساقة للدفاع عن رؤيته؟ إن قراءة المقال المذكور للوصول لمقاربة أو موقف معلل بحجج وبراهين أمر مستحيل
"

و قبل التطرق الى "البراهين" التي ساقها هذا المدون للتدليل على خلو مقالي من "مقاربة أو موقف معلل بحجج و براهين" يجب أن أشير هنا الى مسألة مضمنة في هذه التدوينة تعبر بالتحديد عن السبب الأساسي من كتابتي مقالي بل و كذلك عن السبب الأساسي وراء تخصيص مجلة الآداب لعددين خاصين حول العلمانية. حيث من يقرأ هذه التعليقات و خاصة التي تهم بعض المقالات الأخرى المضمنة في عددي ملف العلمانية سيلاحظ إهتمام هذا المدون بـ"الموقف" و "الوضوح" و هو ما يساوي عمليا "دور العلمانية في معالجة الأوضاع الراهنة"... و الحقيقة هناك فرق هنا بين "الموقف" و ما يعنيه من رؤية بشكل عام لا تدعي ضرورة الإطلاقية و بين "الموقف المطلق" و ما يعنيه من ثقة لا تتناسب ضرورة مع الوقائع.. و بين "المقاربة" و ما تعنيه من معالجة للمنهج و ليس للنتائج و بين "الموقف" و ما يعنيه من توصل لنتائج... حيث كان المغزى من مقالي التفريق تحديدا بين هذه المستويات... حيث كان الهدف من مقالي بالتحديد تقديم مقاربة لواقع المقاربات الراهنة... و كانت النقد الأساسي في مقاربتي تجاه هذه المقاربات الراهنة هو تحديدا استهداف بنيهتها الاطلاقية التي تقدم أجوبة مجردة بمعزل عن معطيات الواقع الراهن في مستوياته المتجاوزة للبنى الفكرية.... فالمشكل حسب رأيي ليس في تقديم "أجوبة واضحة و سلسة" (إقرأ هنا إطلاقية و مجردة) حيث تمتلئ الساحة الثقافية العربية بمثل هذه الإجابات الجاهزة التي تحمل طابعا سجاليا (عوض الطابع التحليلي) بمعنى أنها تنطلق من مواقف ايديولوجية جاهزة و تقدم في هذا الإطار "البراهين" التي تنتقيها أحيانا بعناية (و أحيانا بدون عناية) للتدليل على ذلك الموقف... و من بين أهم هذه الدلائل المستعملة هي الدلائل التاريخية... و من هنا كان تركيزي على المنهج التاريخاني ليس لسرد وقائع تاريخية بمعزل عن معناها بالنسبة للواقع الراهن بل لمساءلة الأجوبة الراهنة.... ما أريد أن أضيفه هنا أن المقاربة المضمنة في مقالي ليست أمرا استثنائيا أو يدعو للاستغراب حيث أنه مشابه لآراء أخرى متصاعدة ملت من مستوى الجدال الراهن... و بهذا المعنى ليس من المصادفة أن تكون متطابقة مع أهداف هيئة تحرير مجلة الآداب من تخصيصها عددين لموضوع العلمانية... و لو قرأ هذا المدون تقديم ياسين الحاج صالح لملف الآداب عن العلمانية فإنه سيكتشف ما يلي: "في توجهنا الأولي لإعداد الملف، و في مراسلاتنا مع بعض كتابنا المساهمين فيه تمنينا أن نتمكن من تجاوز الطرح المبدئي و المجرد للعلمانية، و هو الطرح الذي يبشر بها و يدافع عن شرعيتها و يؤكد أنها الحل نحو طرح أكثر تاريخية و اجتماعية" و أعتقد أنه كان مصيبا عندما قال في تعليقه على غالبية المقالات (و التي أعجب بوضوحها المدون أعلاه) بما يلي "قد لا تستجيب أكثر المواد في هذا الملف لهذا التوجه". و هكذا كانت اهتمامي بالموضوع و بدفع تحديدا من اهتماماتي الأكاديمية (المتركزة على التاريخ الإسلامي الوسيط و الحديث المبكر) في تقاطع مع الملل عند البعض (الذي أشعر به شخصيا) من "التبشير بالعلمانية" بمعزل عن السياقات التاريخية و من ثمة الواقعية... و في هذا الاتجاه تأتي عنونة الملف بـ"العلمانية في السياق العربي الاسلامي". و هو الأمر الذي كنت أكدت عليه في تعليقي على صدور العدد الثاني من المجلة الذي تعرض لملف العلمانية

الآن بعد كل هذا اللغط الخارج عن الموضوع و التي تشير الى قلة نضج كاتب التدوينة سأتعرض للفقرات النادرة التي يتعرض فيها هذا المدون بشكل مباشر لنص مقالي... سأبدأ بالـ"براهين" التي قدمها و التي تشير الى خلو مقالي من "مقاربة أو موقف معلل بحجج و براهين"... يقول

"
إن قراءة المقال المذكور للوصول لمقاربة أو موقف معلل بحجج وبراهين أمر مستحيل فالمقال يبدأ بمناطحة خصم من صناعة الباحث الشاب فصناعة هذا الخصم سهلة وتمكنه من الانتصار عليه. إذ يقول "يحاجج تيار من أنصار الدولة العلمانية على غياب الدولة الدينية عبر التاريخ الإسلامي…" لعل المقالات الصادرة حول العلمانية بنفس العدد لا تتعـرّض لهذا الأمر باعتبار أن دعاة الدولة العلمانية يطالبون بها كضرورة لمعالجة أوضاع تعيق هذه المجتمعات التي تغرق كل يوم في مزيد من الحروب المذهبية والطائفية وسيطرة العشائر والقبائل على أجهزة الدول. فالعلمانيون الواعون بما يقولون، والخمس مقالات التي ظهرت تطرح العلمانية كسبيل للخلاص في مواجهة "الإسلام هو الحل" وذلك بمعزل عن هل أن الدولة في الماضي كانت دينية أم لا. يعني أن العلمانيين يطرحون العلمانية كحل لقضايا فعلية راهنة وكنقد وتجاوز لتاريخ تحكمه الصراعات الدينية سواءا كانت في ما بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى أو فيما بين المسلمين (شيعة ـ سنة) الذين يصرّحون بأنفسهم بأن الفتنة نائمة ويلعنون من يوقظها ولكن في فضائياتهم وبرامجهم التعليمية يهيئون لها وينمّونها وذلك منذ أن اختلف الأنصار والمهاجرون ثم الأنصار فيما بينهم. ومقال جورج طرابيشي قدم الدليل الكافي على ذلك "

طبعا كنت تعرضت أعلاه للسبب الذي يجعلني أو يجعل ناشري مجلة الآداب مهتمين بالسياقات التاريخية في طرح موضوع العلمانية و التي لم يجدها هذا المدون في بقية المقالات... و الحقيقة أن تقييمه هذا غير دقيق و ناتج على الأرجح عن قراءة انتقائية لهذه المقالات... حيث أن مقال جورج طرابيشي (و الذي يقدم أحيانا سردا مبالغا فيه للوقائع التاريخية خاصة من خلال النقل عن ابن الأثير عوض التركيز على الدراسات الأكاديمية التي تعرضت للموضوع و التي قامت بمقاربات نقدية للمصادر التاريخية بما في ذلك ابن الأثير... و لكن ذلك أمر طبيعي حيث أن طرابيشي ليس له تكوين أكاديمي معمق في التاريخ الوسيط) يطرح مقاربة مماثلة من حيث المنهج لمقاربتي و بالتالي متماثلة مع هدف ملف العلمانية كما طرحه ناشرو الآداب... كما أن بعض المقالات الأخرى تتضمن على الأقل النية لطرح الموضوع من زاوية تاريخانية و لو أن ذلك لم يتجسم في كثير من الأحيان في مقاربة تاريخانية فعلية (ربما من أجل التماثل الشكلي فحسب مع أهداف الملف حسبما طرحه ناشرو الآداب)... و مثلما وضحت في تعليقي على الجزء الثاني من ملف العلمانية أن ذلك ينطبق مثلا على جورج قرم الذي أكد في بداية مقاله على "وضع الاشكالية ضمن سياقها التاريخي"... و كذلك برهان غليون الذي أعلن في البداية اهتمامه بدراسة العلمانية "كظاهرة تاريخية" و لو أنه للأسف لم يقم بذلك في مقاله.... لكن آتي الآن للبرهان الذي قدمه هذا المدون للتدليل على خلو مقالي من التعليل و الاستدلال... حيث اعتبر أني اصطنعت خصما سهلا يمكن لي مناطحته (طبعا سأتجاوز مستوى هذه العبارات الذي يذكرني برحبة الأكباش)... فما هو هذا "الخصم المصطنع" و الذي خلقته من لاشيئ: "يحاجج تيار من أنصار الدولة العلمانية على غياب الدولة الدينية عبر التاريخ الإسلامي"... فهل من يقرأ مقالي بجدية (و بنضج) يمكن له أن يصل الى أني "اختلقت" هذا "الخصم"؟... في الواقع كنت أقدم تباعا أمثلة واضحة و من خلال الاعتماد على مراجع محددة (رقم الصفحات و أحيانا تقديم استشهادات) للإشارة لمختلف الآراء التي تعرضت اليها بالنقد و هي الطريقة التي تعودت عليها عند كتابة أي مقال للنشر عموما و كلما سنح الناشرون بذلك حتى في مقالاتي المنشورة في منابر صحفية (حيث لا يمكن القيام بذلك إلا بعد عناء في بعض الصحف و هذا أمر طبيعي)... و على سبيل المثال بالنسبة للرؤية أعلاه ("يحاجج تيار من أنصار الدولة العلمانية على غياب الدولة الدينية عبر التاريخ الإسلامي") فسأعرضها كما هي مع مراجعها فيما يلي

"
يحاجج تيارٌ من أنصار "الدولة العلمانية" على غياب "الدولة الدينية" عبر التاريخ الإسلامي، مستخدمين منهجًا مقارنًا يرغب في أن يصوغ صورةً كونيةً متجانسة، ولاسيما في علاقة التجربة الإسلامية بالتجربة الغربية الأوروبية "اللادينية" على مستوى ممارسة الحكم. ويتم إعلانُ هذه النتائج بكثيرٍ من الثقة وقليلٍ من التقصِّي الجدّي للمعطيات التاريخية ــ ــ وهو ما يمكن إرجاعُه إلى خلفية كثير من أصحاب هذه الرؤية الوافدين على المنابر "الإصلاحية" من صفوفٍ "يسارية" لم يبقَ لها من الخيارات سوى التشبُّث برؤًى فوقية حتى في قراءاتها التراثية الطارئة والمتعجِّلة. وهذا ما يفسِّر عدمَ تجاوز أصحاب هذه الرؤية لقراءاتٍ غيرِ ناضجة، وشديدةِ الاختصار، مَرَّ عليها زمنٌ طويلٌ نسبيّاً، مثل مؤلَّف علي عبد الرازق الإسلام وأصول الحكم (1925): فقد شدَّد عبد الرازق على مقولات عمومية، وأضاف إليها سردًا تاريخيّاً مختصرًا وساذجًا لا يمكن أن يَقْبله معظمُ المؤرِّخين المعاصرين، بما في ذلك دفاعُه عن أطروحة إنكار أيّة ممارسة للحكم في عصر النبوّة (ملاحظة رقم 1 في الهامش: من بين المقولات الإطلاقية والتعميمية لدى عبد الرازق أنّ "كلّ ما جاء به الإسلامُ من عقائد ومعاملات وآداب وعقوبات فإنما هو شرعٌ ديني خالصٌ لله تعالى ولمصلحة البشر الدينية لا غير،" وأنّ "الخلافة ليست في شيء من الخطط الدينية، كلا ولا القضاء ولا غيرهما... وإنما تلك كلُّها خططٌ سياسيةٌ صرفة لا شأن للدين بها." علي عبد الرازق، الإسلام و أصول الحكم (القاهرة: 1966)، ص 171، و صص 95-105، و ص 201). والمثير للانتباه أنّ المحاولات المعاصرة التي تقتفي أثرَ عبد الرازق لكونه "مفكِّرًا كبيرًا،" وفي إطار رغبتها في تحقق تاريخٍ نقيّ في كونيته، تفترض مرورَ المسار المستقيم لانفصال الدولة عن الدين بمرحلةٍ يُشْرف فيها جهازُ الحكم على الممارسة الدينية، وذلك بإحداث "سلطةٍ" إسلامية مشابهةٍ للمؤسسة الكنسية تنمِّط الخطابَ الديني وتَسْمح بإيجاد سلطة حداثوية عليه من خلال قوة الدولة (ملاحظة رقم 2 في الهامش: من بين المحاولات الأحدث في تبنِّي موقف عبد الرازق، واتِّباعِ منهجيته المغرقة في العموميات وشبه المتجرِّدة من الإسهامات التاريخية، رؤيةُ التونسي محمد الشرفي، وهو رجلُ قانون مثل عبد الرازق. يحاول الشرفي أن يستبق الردودَ المتوقَّعةَ على اقتراحه إحداثَ "سلطةٍ رابعة" أو "مجلسٍ إسلامي أعلى" بالقول إنّ ذلك لا يمكن أن يكون مشابهًا للتجربة الكنسية بدعوى أنّ الإسلام يقتضي "علاقة مباشرة بين الله والمؤمن" ــ ــ وذلك صحيحٌ تمامًا، ولهذا لا يمكن إقامةُ "سلطة" دينية تحتكر حقَّ القول الديني في الإسلام. أنظر: محمد الشرفي، الإسلام والحرية، الالتباس التاريخي (الدار البيضاء: دار الفنك، 2000)، ص 157 ــ 165 وص 186 ــ 391.)"

من المفترض بالنسبة لمن يرغب في نقد علمي و جدي و ناضج لما كتبته أعلاه أن يدلل مثلا من خلال الرجوع الى هذه المؤلفات و الصفحات (و هي ليست مؤلفات لكتاب نكرة بل لأقطاب معروفين في الجدال القديم و المتجدد حول العلمانية) على أنها لا تعتمد في محاججتها على ضرورة العلمانية على "عدم وجود الدولة الدينية عبر التاريخ الاسلامي".... حيث أن نقدا مماصلا سيدخلنا ضمن مستوى عالي من النقاش... أما الرد على ذلك بأنها (أولا) رؤية "مختلقة" و "مصطنعة" من دون حتى عناء التثبت من المراجع التي قدمتها أو حتى الاشارة اليها، و (ثانيا) أن المقالات الأخرى في عدد الآداب لم تتعرض الى التاريخ و الى وجود "الدولة الدينية عبر التاريخ الاسلامي" (كأن هذه المقالات هي كل ما كتب في الموضوع منذ عشرات السنين و كأن تلك حجة مضادة في الوقت الذي أشرت فيه الى أني أتعرض الى "تيار" و قدمت أسماء معروفة منه أي عبد الرازق و الشرفي)... إذا الرد بهذه الطريقة يكشف عن رغبة في السجال و "المناطحة" للمناطحة عوض النقاش الهادئ و الناضج.

بعد ذلك و وقوفا في هذه الفقرة (التي أعتقد أنها كانت من الفقرات القليلة التي قرأها في المقال بسبب تركز معظم ملاحظاته حولها) يقول هذا المدون ما يلي

" من جهة أخرى سعى جاهدا لتأثيث هذا المقال التاريخي بأن فلان قال والآخر قال بغرض توزيع شهائد التحقير أو الاستحسان ونذكر من ذلك هذه الشهادة لعلي عبد الرازق "…مقولات عمومية" وأضاف إليها تجريدا تاريخيا مختصرا وساذجا "لا يمكن أن يقبل به معظم المؤرخين المعاصرين" فلقد أصبح الباحث الشاب ناطقا باسم المؤرخين المعاصرين. و ضم صوته لصوت محمد عمارة الذي نكـّل بعلي عبد الرزاق و وقفت جامعة الأزهر في 94 ضدّ إعادة نشر كتاب عبد الرازق صيانة للذوق العام و حمايته من السذاجة. ثمّ مباشرة يلحق الشرفي بعبد الرازق و هو "الذي اتبع نفس المنهجية المغرقة في العموميات …""

هنا حقيقة أشعر بالاحباط... و ذلك لسبب بسيط حيث أن هذا المدون الذي يرغب في نقاش ناضج لا يبدو أن له أي تمرس في قراءة (عدى كتابة) النصوص الأكاديمية بل يحقر من أساليب بديهية في الكتابة العلمية و هي أساليب الاستشهاد و الاعتماد على بيبلوغرافيا واسعة عند دراسة أية موضوع... حيث يصف وجود المراجع و الهوامش بأن ذلك "تأثيث هذا المقال التاريخي بأن فلان قال و الآخر قال بغرض توزيع شهائد التحقير أو الاستحسان "؟؟!!... هل يمكن لأي شخص يحترم نفسه أن يتجرأ على المبادرة لنقد مقال أكاديمي في الوقت الذي يتحلى فيه بهذا القدر من الفراغ المنهجي؟! و في الحقيقة حرصت على "تأثيث مقالي بأن فلان قال و الآخر قال" و ذلك لعدة أسباب لا تحتاج الشرح إلا لشخص على غير معرفة ببديهيات أكاديمية منها: أولا، أنا مجرد كاتب يكتب بعدما قام المئات غيري ببحوث متخصصة في هذا الموضوع فمن الطبيعي الاستشهاد بغيري عند الكتابة... تلك هي أحد شروط الكتابة العلمية: الاعتراف بالتراكم المعرفي و أنه لا يوجد في هذا العالم فلتات أو أنبياء معرفة معزولين عما سبقهم من الباحثين و الكتاب، ثانيا، أنا لا أوزع شهائد "الاحتقار" عندما أصف رؤية ما بالـ"عمومية" و "السذاجة" فتلك بالمناسبة مصطلحات مستعملة بل رائجة في النقد الأكاديمي و هي تصف أفكار تتصف من الناحية التاريخية بذلك و هو ما لا يجعلني "ناطقا" باسم أحد بل ببساطة أنقل نقطة عليها الاجماع أكاديميا و هو الأمر الذي يمكن لي التجرؤ على التعبير عنه بفعل اختصاصي: مثلا أي مقال موسوعي و مبسط في التاريخ الاسلامي المبكر (كما توصلت الى ذلك حالة الدراسات الراهنة) سيحاجج على وجود دولة في عصر الرسول (أنظر مثلا الموسوعة الرئيسية في هذا المجال "موسوعة الإسلام"-طبعة ليدن)... تلك ببساطة مسألة محسومة بين الأوساط الأكاديمية و هي بديهية بمكان أني لا أحتاج على تقديم أي مراجع حولها... لأن كل المراجع الأكاديمية المعاصرة متفقة تجاهها... و إذا كان هذا المدون يعترض على هذا الاطمئنان المعرفي و يرغب في نقضه أرجو، عوض ممارسة اللغظ و الاستعراض الكلامي الفارغ، أن ينكب على الدراسات الأكاديمية و يقدم لي أي جدال حول هذا الموضوع يؤكد عكس ما قلته.... ثم هل أن نقدي للآراء الشمولية و الاطلاقية و الساذجة علميا لعبد الرازق يعني ميكانيكيا "ضم صوتي لصوت محمد عمارة" و حملته من أجل عدم إعادة نشر كتاب عبد الرازق "صونا للذوق العام"؟! أليست هذه استنتاجات صبيانية تنم عن قلة نضج فادح؟! أتساءل حقا هل قام هذا المدون الذي يصدر نفسه لنقاش مسائل عويصة مثل العلمانية بقراءة حتى هذه المؤلفات المعروفة (مؤلف عبد الرازق و الشرفي)؟ و لن أسأل هنا هل قرأ أيا من الكتب و المقالات التي أشرت اليها في مقالي...

لأبقى في التاريخ و أشير هنا الى ما يقوله هذا المدون

"فجوهر مقال الباحث من تونس يتعرض من جهة لموقع الخليفة أو الأمير في الحكم الإسلامي ومدى تأثير الفقهاء أو رجال الدين عموما في تسيير شؤون البلاد الإسلامية وهي معلومات مدرسية مدرجة ببرامج التعليم الثانوي إلى حد هذا اليوم "

سأتجاوز هنا الأسلوب الاستعلائي و الذي للمفارقة يصدر من قبل شخص من الواضح أنه يملك فعلا معطيات مدرسية و ربما حتى أقل عن تاريخه... و ليس لدي تعليق طويل هنا... فقط ملاحظتين: هناك فعلا عدد من المعطيات التي تعرضت اليها هي فعلا "معلومات مدرسية مدرجة ببرامج التعليم الثانوي"... و بالمناسبة من بين هذه "المعلومات المدرسية" التي يشير اليها المدون هي وجود دولة في عصر الرسول (و هنا من الواضح أننا إزاء شخص لديه معلومات ما تحت مدرسية)... و لكن المسألة ليس في الاشارة اليها بل في وضعها ضمن سياق إشكال الدولة و الدين و تحديدا عدم القدرة على ممارسة الانتقاء تجاه هذه المعطيات... و هذه الاشكالية (أي علاقة الدين بالدولة في السياق التاريخي) لا يتم تدريسها (علي أن أقول للأسف) في برامج التعليم الثانوي و سأكون سعيدا لو تم القيام بذلك... من جهة ثانية توجد (أيضا للأسف) معلومات و الأهم من ذلك إشكاليات أخرى غير مدرجة في برامج التعليم الثانوي... منها مثلا تلك المنبثقة عن دراسات لمؤرخين معروفين (أشعر بالفخر أني تتلمذت على يدي عدد منهم) تعتبر علامات فارقة في الدراسات الأكاديمية: تطور مؤسسة المفتي (دراسة ريتشارد بولييت) و مسألة الفتنة و تنشأة الدولة الامبراطورية الأموية (كتاب جعيط عن الفتنة)، و علاقة فقيه السياسة بالأمير (دراسات باتريشيا كرون و مونتقومري وات في هذا المجال)... و يمكن للقارئ الجاد الرجوع الى غيرها في ثنايا المقال....

ثم يمضي للتعليق على موضوع آخر... نقدي للاستعمال الراهن لمنهج و رؤى الاقتصادي و عامل الاجتماع الألماني ماكس فيبير

"وفي موقع آخر يشن هجوما كاسحا عن القيبرية فيقول"تتم عادة تركيب شذرات الملاحظات الفيبرية حول الإسلام (القائلة بأن) بنيته الفقهية غير قادرة بعد على تقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان أو العقلانية السياسية " داحضا المقولة بقوله "في النهاية يبدو الاستنتاج ميكانيكا" فهو يعفي نفسه من البرهنة عن أي شي ويعتقد أنه بمجرد التصريح بأنه يدرس بأحسن الجامعات التي بها أحسن الأساتذة هي حجة لإقناع الآخرين. لنتصور للحظة أن مهندسا يستعمل حجة أنه كان من طلبة أنشتاين لإقناع محاوريه بصحة موقفه."

في الحقيقة أفضل تعليق على هذه الملاحظة هو إعادة وضع الفقرة التي وردت فيها هذه الملاحظة... و لأي قارئ جاد و ناضج و لا يتحلى بالصبيانية أن يرى إن كنت "أشن هجوما كاسحا على الفيبيرية" (لا أفهم استخدام مثل هذه العبارات الحربية) عند قولي "في النهاية يبدو الاستنتاج ميكانيكيا" تم من دون برهنة بل من خلال "التصريح بأني أدرس بأحسن الجامعات"

" غير أنّه يَغْلب على المدافعين عن هذه الرؤية، شأنَ الموقف المناقض أعلاه، دارسون يتجنّبون التركيزَ على المعطيات التاريخية مقابل الرغبة في صياغة صورة شمولية. ومن بين كتاباتهم نجد المساهمةَ الأكثرَ راديكاليةً والتي تعلن، على غرار النظرة "الأصولية،" ما تسمِّيه "استثناءً إسلاميّاً" (Islamic Exceptionalism) (ملاحظة رقم 4 في الهامش: يدافع عن موقف "الاستثناء الإسلامي" مفكِّرون من تيارات مختلفة، وفي ظرفيات سياسية محددة (نهاية الحرب الباردة، بعيْد احتلال العراق سنة 2003). غير أنّ ذلك يتم عادةً بالارتباط مع إشكالية علاقة الإسلام بالديموقراطية، وليس ضرورةً بمفاهيم "العلمنة." أنظرْ مثلاً:

Sanford Lakoff, "The Reality of Muslim Exceptionalism," Journal of Democracy, 15, 4, 2004, pp. 133-139.

ومن بين الأمثلة الأخيرة التي تم فيها تجريبُ نظرية "الاستثناء الإسلامي" على علاقة الدين بالدولة في الإسلام بشكل شامل ويدّعي فيها الكاتبُ أنّه يلامس المعطيات التاريخية، أنظر:

Hamadi Redissi, L’Exception Islamique (Paris: éd. Seuil, 2004).). وفي هذا الإطار تتم إعادةُ تركيب شذرات الملاحظات الفيبيرية حول الإسلام للاستدلال على أنّ بنيته الفقهية تضعه في منزلة بين الديانات الآسيوية والمسيحية: فالإسلام، بحسب ذلك، يحثّ على الكسب المالي والحياة المرفَّهة، ومن ثمة يمكن أن يتقبّل المنظومةَ الرأسمالية أو "العقلانيةَ الاقتصادية،" ولكنّ بنيته الفقهية غير قادرة بعد على تقبُّل الديموقراطية وحقوقِ الإنسان أو "العقلانيةِ السياسية." في النهاية يبدو الاستنتاجُ ميكانيكيّاً في هذه الحالة، إذ إنّ الهدف الوحيد الذي يمكن أن يتحقّق هو إقامةُ "دولٍ مستقرّة،" وهذا بدوره غيرُ ممكن من دون إقامة ميثاق اجتماعي يستبعد تحديدًا تدخُّلَ الدين (ملاحظة رقم 5 في الهامش: Jan-Erik Lane and Hamadi Redissi, Religion and Politics, Islam and Muslim Civilisation (Aldershot and Burlington: Ashgate, 2004), pp. 35-50, and pp. 145-155.

كما تم ترويجُ هذه الرؤية بشكلٍ أكثرَ شعبويةً لجمهور فرنسي يرغب في سماع كاتب عربي يعلن عناوينَ تعميميةً وإطلاقيةً من نوع "عدم تلاؤم الإسلام مع قيم الديموقراطية." أنظرْ:

Hamadi Redissi, “Une Inadéquation Entre l’Islam et les Valeurs de la Démocratie,” L’Express, Paris, 22 septembre 2005.)... على أنّ أطراف الجدال الراهن، أيّاً كانت اختلافاتُها، تبدو متموقعةً ضمن نسق عقائد "مقدّس" عند تقييم التجربة المسيحية الأوروبية بناءً على "نظرية العلمنة." (ملاحظة رقم 6 في الهامش: انتقدتْ دراساتٌ عديدة، وبخاصة على يد علماء اجتماع أنكلوسكسونيين، بنيةَ "نظرية العلمنة" في صياغتها الفيبيرية من خلال تأكيد طابعها العقائدي تحديدًا واتخاذِها جوهرًا مقدَّسًا ــ وهو المعنى الذي تمّ تكثيفُه في مقولة إنّ "فكرة العلمنة أصبحتْ مقدّسةً." أنظرْ تلخيصًا لتشكِّل "نظرية العلمنة" وتلك الرؤى النقدية في:

William Swatos and Kevin Christiano, "Secularization Theory: The Course of a Concept," Sociology of Religion, 60, Autumn, 1999, pp. 209-228.) ومن الواضح أنّ النظام الفكري الفيبيري هو من أكثر الرؤى الشمولية التي تحتضن المقارباتِ الراهنةَ في هذا السياق، ولكنْ لم يعد مفهومًا استمرارُ البعض في التعامل معه ككتلة منهجية لا تحتاج مصادراتُها التاريخيةُ إلى المراجعة النقدية؛ فقد تعرّضت الروايةُ الفيبيرية لتاريخ البروتستانتية إلى محاكمات صارمة من قِبل المؤرِّخين، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن جدواها عند استقراء التجربة الإسلامية التي كانت أصلاً على هامش اهتمامات فيبير (ملاحظة رقم 7 في الهامش: تبقى دراسةُ المؤرِّخ الاقتصادي السويدي كورت صامويلصون، التي أنجزها سنةَ 1957، هي العمل النقدي الرئيس للسرد التاريخي المضمَّن في النظام الفيبيري والذي يقترح تحديدًا ولادةَ البروتستانية للرأسمالية. هنا ينتقد صامويلصون "الانتقائيةَ" التاريخيةَ لفيبير، ويقدّم صورةً أكثرَ انضباطًا للمعطيات التاريخية بحيث تصبح البروتستانيةُ بطهريتها البالغة طاردةً للرأسمالية. كما يَعْرض ما يكفي من المعطيات المشيرة إلى أسبقية الأخيرة تاريخيّاً على الظاهرة البروتستانية الإصلاحية، مقابلَ تضمُّن استعدادات احتضان الرأسمالية في المسيحية "المعاكسة للإصلاح" خاصةً الكاثولوكية الفرنسية. أنظر:

Kurt Samuelsson, Religion and Economic Action: The Protestant Ethic, the Rise of Capitalism, and the Abuses of Scholarship (Toronto: University of Toronto Press, 1993), pp. 32-59.)"

المصيبة هنا في عدة مستويات كلها تكشف عن مغالطة عند نقل ما كتبته و جهل (الحقيقة لا أملك أي تعبير أكثر لباقة) فادح من قبل هذا المدون في علاقة بمراجع و رؤى فكرية مختلفة لها علاقة بالفقرة أعلاه و التي على الرغم من ذلك يقوم هذا بتصدر نقدها من موقع استعلائي مفرغ من أي قدرة معرفية على المحاججة:

أولا، لم أقل في أي موقع في مقالي الجملة التالية التي تم وضعها بين ظفرين" الملاحظات الفيبرية حول الإسلام (القائلة بأن) بنيته الفقهية غير قادرة بعد على تقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان أو العقلانية السياسية "... و في الواقع مثلما كنت أشرت و مثلما يعرف أتباع المنهج الفيبيري أن ذلك غير ممكن ببساطة لأن فيبير لم يقل ("القائلة بأن" يضيف هذا المدون عند الاستشهاد بما أقول) لم يتوصل الى هذا المستوى التعميمي من الاستنتاجات حيث كان أكثر حذرا من الوقوع في مسلمات ساذجة من هذا النوع. و هذا طبيعي تحديدا لأنه، مثلما هو واضح من الفقرة الأصلية التي كتبتها (و ليس التي أعاد كتابتها أو اختلقها باسمي هذا المدون) فإن فيبير لم يقم بدراسة خاصة عن الاسلام... بل كانت ملاحظاته متناثرة و غير متناسقة حول هذا الموضوع.

ثانيا، الذي قام بـ"الاستنتاج الميكانيكي" ليس فيبير بل من يعتبرون أنفسهم أتباع منهجه التحليلي (و ذكرت هنا المراجع مع الصفحات التي تشير الى هذه الرؤية)... و سميته "استنتاجا ميكانيكيا" تحديدا لأنه يعتمد على تقديرات انطباعية عابرة لفيبير تم إيصالها من قبل هؤلاء الى مستوى الحقائق المسلم بها و بنوا عليها استنتاجا عاما... هذا طبعا عوض قيام هؤلاء بمجهود مماثل للمجهود الفيبيري عندما قام بدراسته الشهيرة للبروتستاتتية في سياقها التاريخي

ثالثا، الرؤية المنهجية الفيبيرية تتجسم بالتحديد على مستوى ما أصبح يعرف الآن بـ"نظرية العلمنة" و هي مبنية على رؤية استقرائية لتاريخ البروتستانتية مفادها تضمن المسيحية ذاتها على ما كان مدخلا لولادة العلمانية... و هنا لم أقم بهجوم "كاسح" انفرادي مبني على "التصريح بأني أدرس بأحسن الجامعات" (لا أدري أين يمكن لأي قارئ أن يرى ذلك إلا إذا كان يعاني من عقدة نقص على المستوى الأكاديمي تؤدي به للخروج عن النص و الانغماس في تخيلات مماثلة)... بل قمت ببساطة بالاعتماد على رؤى اقتنعت بصوابها و هي دراسات باحثين متخصصين في نقاش الرؤى الفيبيرية سواء من ناحية تاريخ البروتستانتية أو من حيث الاسس المنهجية لنظرية العلمنة ذاتها... و من يريد نقد هذا المتن النقدي عليه أن يقرأ قبلا هذه الدراسات و يقدم ما يجعله غير موافق عليها.. و ليس الالتجاء الى ملاحظات سطحية من النوع الذي كتبه هذا المدون

يمر الأخير الى نقد خلاصة المقال... فيقول

"سيتذكـّر الباحث الشاب أنه بصدد الكتابة عن العلمانية في السطور الأخيرة وفي ما أطلق عليها أنها خلاصة لترديد الفكرة الشائعة لدى رجال الدين وكل خصوم العلمانية بدءا من السيد قطب إلى القرضاوي بالقول بأن العلمانيين يريدون استنساخ التجربة الأوربية المسيحية.ولابد من إضافة مسيحية لتكون وطأة العلمانية أشد على المسلمين والمتأسلمين. فهؤلاء منزعجون من استنساخ التجربة الديمقراطية لكنهم لا ينزعجون من استنساخ الحروب الدينية التي مرت بها أوربا.فكل شئ مقبول من الغرب وهو مصدر اعتزاز للباحث (بكونه بأحسن جامعات ويدرسه أشهر الاساتذة ا)فقط علمانيتها مرفوضة.كل شئ يقع استنسخه من برامج تعليم من طرقات من شكل المساكن ونمط العيش وشكل السيارة ولايتذكرون المسيح المقيت .يتذكرونه فقط حين يقع الحديث عن أسلوب الحكم"

أولا، عندما يقول هذا المدون بأني تذكرت أني "بصدد الكتابة عن العلمانية في السطور الأخيرة"، فإن ذلك يعني أنه إما لم يقرأه أو أنه يقوم عمدا بالمغالطة: حيث أن جزءا هاما منه (أربع صفحات على عشر صفحات من الصفحة 15 الى 18) مخصص للحديث عن الجدال حول العلمانية في سياقها الغربي فحسب تاريخيا و في الواقع الراهن و بالاعتماد على آخر و أهم الدراسات في هذا المضمار.... هذا عدى أن موضوع المقال هو اشكالية علاقة الدين بالدولة بشكل عام قبل و بعد العلمانية

ثانيا، إن وصف التجربة التاريخية الغربية بأنها "أوروبية-مسيحية" ليس وصفا مستجدا من قبل "رجال الدين" بما في ذلك سيد قطب و القرضاوي. هذه ملاحظة تنم مرة أخرى عن جهل فادح بالدراسات الأكاديمية التاريخية خاصة تلك التي تتعامل مع موضوع علاقة الدين بالدولة من زاوية تاريخية و تصدر مرة أخرى بشكل استعلائي لا يليق إلا بمن يحهل فعلا مسائل ليست من اختصاصه.... فمصطلح "الاورو-مسيحية" مصطلح رائج بين مؤرخي الفترتين الوسيطة و الحديثة (حتى القرن 17) الأوروبية و لا يعكس رؤية تديينية مسقطة بل يعكس حقبة تاريخية كان فيها الدين المسيحي أهم الفاعلين السياسيين و الثقافيين.... و بهذا المعنى يعكس كتلة تاريخية تتميز ببعض التجانس الثقافي و حتى السياسي في مواجهة كتل أخرى في المتوسط منها "الاسلامية" و منها "آسيوية-مسيحية" أو غير مسيحية... الخ... و بالمناسبة هذه المصطلحات رائجة طبعا بين مؤرخين أوروبيين في أهم المنابر الأكاديمية في هذه الاختصاصات و أعتقد أن معظمهم ليس على علم حتى بوجود شخوص سيد قطب و القرضاوي

ثالثا، مرة أخرى يحشرني هذا المدون حيث هو يريد و ليس حيث أنا كما يعكس ذلك نصي: أين تحديدا أرفض العلمانية هكذا بإطلاق (طبعا مقابل قبول السيارة؟!!!)؟.. سأعيد هنا وضع هذه الخلاصة لمن يريد أن يقرأ النص الذي أمامه و ليس النص الجاهز الذي في رأسه

"إنّ المعطى الأساسي الذي تحيل عليه المؤشّراتُ التاريخيةُ أعلاه هو أننا إزاء صورة معقّدة تتجاوز الخطابَ التبسيطي السائد. فمن جهة أولى لا يمكن التغافلُ عن المؤشّرات القوية على وجود دولة "إسلامية" أو "دينية" عبر تجربة المسلمين التاريخية في الحكم. وهذا يعني تحديدًا أنّنا بصدد دولة تتبنّى وتحتكر التحكُّمَ في نفوذ مجموعات دينية ذات مرجعية إسلامية يمكن أن تتعدّد مذهبيّاً حسب الحاجة وحسب ميول الحاكم. غير أنّه من الواضح أيضًا أنّه لا يوجد توقُّعٌ بدهي من قِبل أيّ طرف كان بأنْ يتلقّى الحاكُم توجيهًا دينيّاً عند إدارة شؤون الحكم. ولهذا كان من النادر أن نعثر على أمراء يهتمون بشكل خاصّ بالمعرفة الفقهية، أو يستوزرون وزراءهم على أساسِ خلفيةٍ فقهيةٍ مميزة. وهذا لا يبدو مجرد مصادفةٍ أو تعبير عن نوع من "الفسوق" المستحكم في هؤلاء الحكّام، بل كان هناك على الأرجح نوع من الإجماع غير المعلن على خصوصية حاجات الدولة والتي كانت تقتضي سياسةً تستأنس ولكنها لا تهتدي بالسلطة الشرعية في الشؤون المدنية.

وهكذا، كانت الظرفية السياسية هي المحدِّدَ تاريخيّاً لتوازناتٍ شبهِ عفوية مماثلة، وهي كذلك المحدِّدة لطبيعة النقاش والجدال المرافق لذلك. ومن الطبيعي أن ينطبق ذلك على الوضع الراهن أيضًا: فالأطراف المهيمنة على النقاش في العالم الإسلامي هي بصدد التفاعل مع تجاذبات سياسية أكثرَ ممّا هي بصدد التفاعل مع بناءات تجريدية. وليس من الصعب الاستنتاج أنّ الظرفية السياسية الراهنة تجعل الأطرافَ السياسيةَ التي تتبنى المرجعية الإسلامية ذاتَ جاذبيةٍ انتخابية. وفي الواقع لا تبدو الحميّةُ العاليةُ لنخب "يسارية" سابقة، أضحت قضيتُها المركزية بشكلٍ فجائي "علمنةَ الدولة" بعد عشريات من الكفاح من أجل "دكتاتورية البروليتاريا،" مجردَ استجابةٍ لوازع الدفاع عن التحديث بالطريقة التي تراه فيها، ولكنّها أيضًا دفاعٌ عن وجودٍ سياسي بات مهدَّدًا.

وعليه، فإنّ تجنُّبَ غَالبية النقاش المعاصر لأسلوب الاستقراء التاريخاني، والتركيزَ على نقاش المصدر الشرعي بمعزل عن ظرفيته، وتبنّي أنظمةٍ فكريةٍ شمولية... كلُّها عناصرُ معطِّلة. وبالتأكيد لن تساهم في نجاح النقاش إجاباتٌ مسبّقةٌ ترى الخلاصَ في استنساخ تجربة أوروبية ــ مسيحية تحتاج بدورها إلى التأمل النقدي، أو لا ترى أيَّ إمكانٍ لتقاطع التجربتين"

و مثلما ذكرت في بداية المقال فإن التناقض بين "العلمانيين" في المجال العربي و "الاسلاميين" خاصة الراديكاليين منهم ليس تناقضا على مستوى المنهج بل في النتائج. منهجيا الجميع ينطلق من استنتاجات جاهزة يؤمنون في اطلاقية حلولها ثم يبحث بعد ذلك عن دلائل عليها... و هذا تحديدا كنه "الرؤية الشمولية"... غير أني أحاجج هنا بأن هناك طريقا ثالثا يسعى للتعلم مما مضى لتقديم إجابات نسبية و لكن أكثر نجاعة و واقعية

ربما يقول البعض أني أضيع وقتي بالرد على هذا المدون خاصة عند ملاحظة تعلقه النادر بمحتوى النص و تعمده المغالطة في نقل الأفكار و الواردة فيه و الاستعلاء دون القدرة على المحاججة المعرفية.... و لكن هذا هو مستوى النقاش المتاح في هذه اللحظة و بمعنى آخر لا يمكن خلق محاججين بل يجب التعامل مع المتاح منهم.. و سأكون بالتأكيد شاكرا لمن يقوم بالاسهام لرفعه درجات أخرى...

و هنا أختم بملاحظات حول تعليق ورد في آخر تدوينة "ماهيفا" باسم "بشير" (أنظر التعليق الخامس هنا)... و أريد أن أوجه لهذا المعلق دعوة لافتتاح مدونة خاصة به نظرا للمستوى المنضبط و العالي في كتابته... و بمزل عن أنه يوافق على ما كتبته فإني أعتبر أسلوب رده على الأسئلة التي طرحتها "ماهيفا" أكثر جلبا للاهتمام مما ورد في التدوينة التي علقت عليها أعلاه



عدد التعاليق: 3


طارق الكحلاوي
نشأ طارق في أحد مدن الضواحي مدينة رادس الواقعة في الجمهورية التونسية. يشغل الآن موقع أستاذ في جامعة روتغرز (قسمي التاريخ و تاريخ الفن). تلقى طارق تكوينه الجامعي في جامعة تونس (كلية 9 أفريل، إجازة و دراسات معمقة في التاريخ و الآثار) و جامعة بنسلفانيا (رسالة دكتوارة في تاريخ الفن). و يعلق بانتظام على القضايا و الاوضاع العربية باللغتين العربية و الانجليزية في مواقع و صحف مثل "الجزيرة.نت" و "القدس العربي" و "الحياة" و "العرب نيوز" و "ميدل إيست أونلاين"، و يكتب عمودا أسبوعيا في جريدة "العرب" القطرية. يكتب أيضا في قضايا ثقافية و نظرية تخص الاسلام المعاصر في المجلة البيروتية "الآداب". و تمت استضافته للتعليق في قناة "الجزيرة الفضائية" و قناة 13 "بي بي أس" (نيويورك).

Tarek Kahlaoui
Tarek grew up in the suburban city of Rades in Tunisia. He is currently an Assistant Professor at Rutgers University (a joint position in the Art History and History departments). Tarek graduated from the University of Tunis (Bach. and DEA in history and archeology) and University of Pennsylvania (Ph.D. in history of art). Tarek also comments regularly in Arabic and English on Middle Eastern issues and politics in Aljazeera.net, Al-Quds Al-Arabi, Al-Hayat, Arab News, and Middle East Online, and writes a weekly column for the Qatari newspaper Al-Arab. He also writes on intellectual and theoretical issues related to contemporary Islam in the Lebanese magazine Al-Adab. He was also invited to comment in Al-Jazeera Channel, and in Channel 13 (PBS-New York).