قرأت كثيرا لماركيز. في سن مبكرة و لكن حتى الآن. قرأت له بثلاث لغات إلا لغته الأصلية. رغم سهولة الإسبانية فإني لم أقدر حتى الآن أن أجد سببا قويا يجعلني أتعلمها بجدية. على كل. ماركيز كاتب أسطوري يقف على نفس المرتبة مع تشيخوف و تولستوي و كونديرا. طبعا لكل أسلوبه. و أسلوب ماركيز من الكوميديا السوداء قريب جدا من قلبي لسبب أساسي و هو تعبيره عن مجتمعات بعينها أحسب مجتمعي الأصلي من ضمنها. و المثير أن تجارب تعريب روايات ماركيز هي في المجمل ناجحة. و لا أعتقد أن ذلك يرجع لتميز المعربين بل الى خاصية أخرى: تحمل نص ماركيز من حيث مخياله الخصب و لهجته الحادة لاستعدادات (و ليس ضرورة واقع) الخطاب العربي. بهذا المعنى تصبح النصوص المعربة مدخلا ليس لتحوير النص الإسباني بل إلى التأثير على النص العربي بالكشف عن أساليب حكي و لغة غير متوقعة من داخل العربية.

هذه فقرة وجدتها على النت مقتطفة من أفضل روايات ماركيز السياسية "خريف البطريق".

"قرر أن يكون هذا آخر تعذيب يمارسه نظامه، فُقتلت التماسيح، وفككت غرف التعذيب، حيث كان من الممكن هرس كل العظام الواحد تلو الآخر بدون قتل الضحية، وأعلن العفو العام، وشرع في تهيئة المستقبل بفضل فكرة سحرية: كل مشاكل هذا البلد متأتية من أن الّناس لهم الكثير من الوقت للتفكير، فوقع البحث عما يمكن أن يشغلهم. رد الاعتبار إلى ألعاب شهر مارس للزهور، وكذلك للمسابقات السنوية لملكات الجمال. و أسس أكبر ملعب لكرة القدم في منطقة الكراييب، وأُجبر فريقنا على تحقيق الشعار التالي : الانتصار أو الموت. وأعطيت الأوامر لتأسيس مدرسة مجانية للكنس في كلّ ولاية، دأب طلبتها، وقد حمستهم التشجيعات الرئاسية، على كنس الشوارع بعد أن فرغوا من كنس البيوت، وبعد ذلك الطرق الفرعية والأزّقة، بحيث باتت أكداس القمامة تسحب وتنقل من ولاية إلى أخرى من دون أن يعرف أحد كيف يمكن التخلص منها. كانت هذه العملية تتم في شكل مواكب رسمية ترفرف فوقها أعلام الوطن ولافتات كبرى: الله يحفظ أنقى الخلق، هذا الذي يسهر على نظافة الأمة. في حين كان هذا الفظ المنغمس في الّتفكير يجر رجليه البطيئتين، باحثا عن أساليب جديدة لإلهاء السكان المدنيين , كان يشق طريقا بين المجذومين والعميان والمشلولين الذين يتضرعون عنده حتى يناولهم ملح العافية، مباركا باسمه في نافورة الباحة أولاد محمييه وسط و المتزّلفين الفاقدين للحياء واّلذين أعلنوه أوحد"


عدد التعاليق: 6

    تعليق: Big Trap Boy ...  
    5 ماي 2007 في 8:45 ص

    T'es sûr qu'il n'est pas "wéld errbatt" cet auteur?

    :)


    تعليق: Tarek طارق ...  
    5 ماي 2007 في 4:54 م

    Yes indeed!
    :))


    تعليق: Takkou ...  
    8 ماي 2007 في 8:00 ص

    Je viens de decouvrir ton blog. Je te presente mes felicitations. Voila, maintenant que les presentations sont faites (???) Je dirais que tout le charme de n'importe quel auteur ou de n'importe quel livre se trove dans salangue d'origine. Ce n'est pas que les traductions sont mauvaises (parfois elles sont excellentes) mais jamais elle ne pourront traduire la magie du tete original. Donc, si tu as le temps ou l'occasion d'apprendre l'espagnol ne la rates pas.
    Je reviendrai visiter assez souvent tes deux blogs. Je suis un pationné de l'Islam et de tout ce qui tourne autour.


    تعليق: Tarek طارق ...  
    8 ماي 2007 في 12:52 م

    I can't agree more... the thing is I really can't find enough reasons to really learn Spanish... You know I can manage to read articles in my field (archeology, history of art, history) but that's, of course, different than reading a novel.


    تعليق: Takkou ...  
    9 ماي 2007 في 8:54 ص

    Sometimes you can find in a novel a hint or an information about the fields you are studiying that you will never find in an article or a study. Think about it.


    تعليق: Tarek طارق ...  
    10 ماي 2007 في 12:22 ص

    Yes I'm sure one can... But still a very long leap...



طارق الكحلاوي
نشأ طارق في أحد مدن الضواحي مدينة رادس الواقعة في الجمهورية التونسية. يشغل الآن موقع أستاذ في جامعة روتغرز (قسمي التاريخ و تاريخ الفن). تلقى طارق تكوينه الجامعي في جامعة تونس (كلية 9 أفريل، إجازة و دراسات معمقة في التاريخ و الآثار) و جامعة بنسلفانيا (رسالة دكتوارة في تاريخ الفن). و يعلق بانتظام على القضايا و الاوضاع العربية باللغتين العربية و الانجليزية في مواقع و صحف مثل "الجزيرة.نت" و "القدس العربي" و "الحياة" و "العرب نيوز" و "ميدل إيست أونلاين"، و يكتب عمودا أسبوعيا في جريدة "العرب" القطرية. يكتب أيضا في قضايا ثقافية و نظرية تخص الاسلام المعاصر في المجلة البيروتية "الآداب". و تمت استضافته للتعليق في قناة "الجزيرة الفضائية" و قناة 13 "بي بي أس" (نيويورك).

Tarek Kahlaoui
Tarek grew up in the suburban city of Rades in Tunisia. He is currently an Assistant Professor at Rutgers University (a joint position in the Art History and History departments). Tarek graduated from the University of Tunis (Bach. and DEA in history and archeology) and University of Pennsylvania (Ph.D. in history of art). Tarek also comments regularly in Arabic and English on Middle Eastern issues and politics in Aljazeera.net, Al-Quds Al-Arabi, Al-Hayat, Arab News, and Middle East Online, and writes a weekly column for the Qatari newspaper Al-Arab. He also writes on intellectual and theoretical issues related to contemporary Islam in the Lebanese magazine Al-Adab. He was also invited to comment in Al-Jazeera Channel, and in Channel 13 (PBS-New York).