يمكن إعتبار تجربة العنف في الجزائر خلال التسعينات منجم للمعلومات و الدروس من حيث مسار الالتحام بين الرؤى الراديكالية و الارهاب المسلح و المدى الفنتازي الذي يمكن أن يصل اليه هذا الالتحام... و لأن هذه التجربة لم تنته تماما و لأن آفاق تكرارها و امتدادها لا يجب أن تكون أمرا مفاجئا فإن الحديث عنها بالعمق المطلوب ضروري.... و هنا "الحديث" مهمة يجب أن يقوم به تحديدا "صحفي التحقيق"... و في الحقيقة هذه مهمة صعبة و لا يوجد الكثير من هؤلاء في الصحافة العربية و خاصة المغاربية (أعني هنا تحديدا صحافة التحقيق في المجال السياسي و ليس في مجالات أخرى مثل المجال الفني و التي تبدو مزدهرة الآن و لو أنها تعتمد الإثارة و الإشاعة بالأساس) .... و قد كتب الكثيرون عن هذه التجربة و لكن من النادر أن تحول صحفيون للميدان و حاولوا إستقاء المعلومات من مصادرها بما في ذلك من القائمين على العنف... و حتى الصحفيين الجزائريين لم يتجاوزوا مرحلة التقارير المجتزأة و التي لم ترتق إلى مقاربات شاملة لما جرى... كان علينا أن ننتظر صحفي بوزن كميل الطويل (صحفي لبناني من أسرة صحيفة الحياة) حتى يمكن تدوين تفاصيل دقيقة عن هذه التجربة.... أول تحقيق معمق قام به الطويل كان خلال سنة 1998 و هو ما ضمنه في واحد من بين أول (و في رأيي أيضا واحد من أفضل) الكتب حول تجربة العنف في الجزائر بعنوان "الحركة الإ.سلامية المسلحة في الجزائر: من الإنقاذ الى الجماعة" (بيروت: دار النهار، 1998). رجع الطويل مؤخرا للإهتمام بالوضع الجزائري بفعل حملة التفجيرات الأخيرة في سلسلة من التقارير تم نشرها في صحيفة الحياة صدر منها حتى الآن ثلاث مقالات. أعتقد أنه بعيدا عن الشعارات و الرؤى المغرقة في العموميات من الضروري النظر لهذه التجربة من خلال أكثر ما أمكن من المعطيات الواقعية. حيث لم تحصل هذه التجارب الدموية و الدرامية لكي ننساها. و على ما أعتقد يبدو تقرير إخباري يحمل تحقيقا جيدا و معطيات نادرة أفضل من مقالات الرأي السطحية و تقارير الهشك بشك التي تعج بها الصحف العربية
تقارير الطويل الأخيرة: الأول، الثاني، الثالث


عدد التعاليق: 1

    تعليق: عماد حبيب ...  
    8 جوان 2007 في 7:05 ص

    شكرا طارق للروابط و أيضا لهذه الجملة

    لأن هذه التجربة لم تنته تماما و لأن آفاق تكرارها و امتدادها لا يجب أن تكون أمرا مفاجئا فإن الحديث عنها بالعمق المطلوب ضروري



طارق الكحلاوي
نشأ طارق في أحد مدن الضواحي مدينة رادس الواقعة في الجمهورية التونسية. يشغل الآن موقع أستاذ في جامعة روتغرز (قسمي التاريخ و تاريخ الفن). تلقى طارق تكوينه الجامعي في جامعة تونس (كلية 9 أفريل، إجازة و دراسات معمقة في التاريخ و الآثار) و جامعة بنسلفانيا (رسالة دكتوارة في تاريخ الفن). و يعلق بانتظام على القضايا و الاوضاع العربية باللغتين العربية و الانجليزية في مواقع و صحف مثل "الجزيرة.نت" و "القدس العربي" و "الحياة" و "العرب نيوز" و "ميدل إيست أونلاين"، و يكتب عمودا أسبوعيا في جريدة "العرب" القطرية. يكتب أيضا في قضايا ثقافية و نظرية تخص الاسلام المعاصر في المجلة البيروتية "الآداب". و تمت استضافته للتعليق في قناة "الجزيرة الفضائية" و قناة 13 "بي بي أس" (نيويورك).

Tarek Kahlaoui
Tarek grew up in the suburban city of Rades in Tunisia. He is currently an Assistant Professor at Rutgers University (a joint position in the Art History and History departments). Tarek graduated from the University of Tunis (Bach. and DEA in history and archeology) and University of Pennsylvania (Ph.D. in history of art). Tarek also comments regularly in Arabic and English on Middle Eastern issues and politics in Aljazeera.net, Al-Quds Al-Arabi, Al-Hayat, Arab News, and Middle East Online, and writes a weekly column for the Qatari newspaper Al-Arab. He also writes on intellectual and theoretical issues related to contemporary Islam in the Lebanese magazine Al-Adab. He was also invited to comment in Al-Jazeera Channel, and in Channel 13 (PBS-New York).