فيما يلي نص الدعوة لسمينار الذاكرة الوطنية التي أرسلها الدكتور عبد الجليل التميمي و الذي سيتحدث فيه والدي، أحمد الكحلاوي. من موقع اشتغالي بحقل التاريخ و اهتمامي بتاريخ الزمن الحاضر و خاصة لمعاشرتي لجزء من نشاط الوالد النقابي و السياسي (و الذي ترك في كبير الأثر) كنت دائما أحثه على قبول هذه الدعوة (التي تجددت خلال السنين الفارطة أكثر من مرة)... لن تكون هذه المداخلة سيرة شخصية (يكتب الوالد بالمناسبة مذكراته) و لكن قراءة من زاوية الفاعل التاريخي في سيرة واحدة من أهم النقابات التونسية كما و نوعا و هي النقابة العامة للتعليم الثانوي.. كما أنها صادرة عن أحد رموز تيار سياسي و فكري (من بين طيف واسع من التيارات السياسية و الحساسيات الفكرية المتنوعة و المتقاطعة) و مرحلة عانت الكثير من الصمت و التهميش خلال العشريتين الماضيتين (و لنأمل أن نرى رموزا أخرى تمثل هذه التيارات و المرحلة تقدم شهادتها)... و هي بهذا المعنى تكتسب أهميتها بمعزل عن الاتفاق أو الاختلاف مع طريقة قراءتها للاحداث، مثلما هو حال أي شهادة تخص تاريخ الزمن الحاضر.. لدواعي التواجد خارج الوطن للأسف لن أكون قادرا على الحضور و هو الأمر الذي يحز في نفسي كثيرا


سيمنار الذاكرة الوطنية وتاريخ الزمن الحاضر مع الأستاذ أحمد الكحلاوي
حول نقابة التعليم الثانوي ودوره النقابي والوطني يوم 13 مارس


أثير في عديد سيمنارات الذاكرة الوطنية دور نقابة التعليم العالي الفاعل في الدفاع عن الجامعيين. وقد تولى الكتاب العامون، المنتخبون سرد هذه الأنشطة النقابية وتداعيات ذلك وكيف عوملت النقابة في عديد الفترات بقسوة بالغة وأدت إلى محاكمة العديد من الجامعيين النقابيين.

إلا أننا لم نتمكن من دعوة الفاعلين في صلب نقابة التعليم الثانوي، وهي التي قامت بأنشطة توعوية شاملة للدفاع عن حقوق هذه الشريحة القاعدية الواسعة من أساتذة التعليم الثانوي، وحيث غيب دورها نسبيا خاصة عندما تبنت الاضرابات للمطالبة بالحقوق وسوف نتوقف عن آليات هاته النقابة من خلال شهادة أحد فاعليها البارزين وهو الأستاذ أحمد الكحلاوي.

والأستاذ أحمد الكحلاوي مولود بالمكنين سنة 1946، وتخرج من مدرسة ترشيح الأساتذة المساعدين التابعة لدار المعلمين العليا بتونس في جوان 1970 وقد نشط ضمن الحركة الطلابية وتعرض للإيقاف على إثر مظاهرات وأحداث 1967-1969، ومنذ انخراطه في الاتحاد العام التونسي للشغل في أكتوبر 1970، تولى مسؤولية كاتب عام النقابة الجهوية للتعليم. ولعل أول إضراب للعمل في الوظيفة العمومية تم بالقيروان في مارس 1973. كما انتخب كاتبا عاما سنة 1974 وقاد إضراب التعليم الثانوي التقني في 1976 من اجل مطالب مهنية وتضامنا مع نقابيي الثانوي 1975، إلا أنه بعد ذلك أطرد بمعية أعضاء نقابته من الاتحاد واستمر الطرد وأغلق مقر النقابة. وفي سبتمبر1976 تاريخ دعوته من طرف الحبيب عاشور، الذي مكنه من تنظيم ندوة حول قضية فلسطين قبل ذهاب السادات إلى القدس.
وعلى إثر التصدع الخطير الذي عرفته الساحة النقابية إثر اضراب جانفي 1978 والحوادث التي تلته، تعرض الأستاذ الكحلاوي إلى السجن والمحاكمة والطرد مع ثلاثين عضوا من اعضاء الهيئة الإدارية التي تمثل قيادة الاتحاد. إلا أنه بعد ذلك أعيد انتخابه كاتبا عاما للنقابة الوطنية للتعليم التقني وشارك في إعادة هيكلية الاتحاد مقاطعا مؤتمره بقفصة 1981.

وبعد سلسلة من الإضرابات ذات الطابع المهني والبيداغوجي خلال سنة 81-82 التي نفذتها نقابات التعليم الثانوي مجتمعة ، سيتم انتخابه أول كاتب عام للنقابة العامة الموحدة سنة 1983. ودخل في صراع جديد مع الحبيب عاشور بسبب سياسة المهادنة تجاه حكومة مزالي في أول الأمر، وهو ما أدى إلى طرده من الاتحاد وسيعقبه طرد مئات من النقابيين بالتجريد من طرف الحبيب عاشور على إثر حوادث 01 ماي 1983 ببورصة الشغل. وفي إطار انتفاضة الخبز.شنّ الأستاذ أحمد الكحلاوي إضرابا سياسيا استنكارا لاغتيال الأستاذ فاضل ساسي بوسط العاصمة ثم اعتقل خلال أزمة الاتحاد (الشرفاء) سنة 1985 وتعرض للمحاكمة والطرد من العمل خلال 3 سنوات.
ومع هذا يعاد انتخابه كاتبا عاما للنقابة العامة في سنة 1988، إلا أنه من جديد دخل في صراع مع الأمين العام الجديد اسماعيل السحباني الذي نظم مجلسا قطاعيا اتخذ قرار حل مكتب النقابة العامة وعزل كاتبها العام – أحمد الكحلاوي- ونصب لجنة موالية.

ومنذ 1991، شغل مهمة منسق الهيئة الوطنية لرفع الحصار عن العراق وتحمل مسؤولية نائب الأمين العام لمؤتمر القوى الشعبية العربية ببغداد، وفي شهر فيفري 1994 قاد مظاهرة بتونس احتجاجا على مجزرة الحرم الإبراهيمي، إلا أنه حوكم بسبب ذلك و قضي 3 سنوات سجنا وغرامة مالية ويطرد من عمله لمدة 7 سنوات وقد وزع بيانا خلال المسيرة بعنوان : (الموت للصهيونية) . وقد عمل عضوا بمؤتمر القوى الشعبية العربية ببغداد وشغل مسؤولية عضو بأمانته العامة كما التحق كعضو بالمؤتمر القومي العربي منذ سنة 1996 ثم عضوا بالأمانة العامة في مؤتمر الخرطوم في أفريل 2009.

ولا شك أن ذاكرة الأستاذ الكحلاوي غنية جدّا ومتنوعة وغطّت ليس فقط الفضاء النقابي المحلي، بل تحاور ذلك إلى العمل القومي العربي وأنه بحكم هذه المسيرة النقابية خلال أربعة عقود كاملة، فإن شهادته سوف تثري المشهد النقابي الوطني والعربي عموما، وقد حرصنا على دعوته لينقل جزءا من مسيرته تلك.
والدعوة موجهة إلى جميع المهتمين والمعنيين لحضور هذا السيمنار ابتداء من الساعة 9.00 صباحا.

الأستاذ عبد الجليل التميمي

حول "مؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات"

العنوان
Immeuble Al-Imtiaz – Centre Urbain Nord- (Face à l’INSAT) – 1003 Tunis
Tél : 00216 71 23 14 44 ou 00216 71 75 11 64


عدد التعاليق: 2

    تعليق: الحلاج الكافي ...  
    12 مارس 2010 في 9:04 ص

    بارك الله فيك في المعلومة الضافية اللى تتعلّق بالمناضل النقابي أحمد الكحلاوي و بسرد أهم مراحل حياته و المعلومة الأخرى الهامّة اللى تتعلّق بيك و اللي عي انك إبن أحد الرموز النقابية اللى نعرفها جيّدا و اللي حضرت ليها في العديد من المرات و تابعت نشاطها النضالي رغم انني نقابي من المناجم ...عاني الأخ أحمد الكثير من البيروقراطية العاشورية و السحبانيّة ومن السجن و التجريد و الإيقاف عن العمل و كان بحق رجل صلب و شجاع . ما أعيب عليه هو الخطية التي أدّت إلى تسهيل ضربه من طرف البيروقراطية ثم بداية اليسارية الصريحة أيّام نشاط " الشعلة" و حتى نهاية أنشطة "المود" مناضلون وطنيون ديمقراطيون اللى كان أحمد الكحلاوي من أحد رموز تفجيرها الى حطّين وهو ما جعل المود تخسر الكثير من أتباعها و مريديها و جعل نشاط "المود" يشهد انحسارا و تراجعا بعد كوّن مجموعة رهيبة من الأنصار ...وكان أنه بدأ يساريا صريحا وانتهى الى ضبابية سياسية شعبويّة تجمع بين أفكار متعارضة بل و متناقضة و ذلك تأسّيا بأحزاب و حركات مشرقية حيث أراد أن يجمع بين النقيضين الديني المتطرّف و اليساري التقدمي وهو ما أدّى الى تفجير مجموعة المود و ما أثبتت الأيام أنه الخطأ بعينه و الدليل ما حدث في الأمس القريب عند إنتصار الخمينية في إيران و تنكيلها بمجاهدي خلق التقدّمية و شنق وتعليق زعمائها على أعمدة الكهرباء وما يحدث اليوم في غزّة و الضفّة الغربية و ما تعانيه حتى الأحزاب الإسلامي ة الصغرى على يد حركة حماس الحركة الظلامية الفاشية ...
    يقي أنني أتمنّى حضور السيمينار و لو أنه سيتحدث عن النشاط النقابي في 40 سنة مضت ...


    تعليق: Qalam Ahmar ...  
    12 مارس 2010 في 9:07 م

    مبادرة طيّبة و قبول أطيب للدعوة .. انشالله ينسج على هذا المنوال العديد من المناضلين التونسيين السابقين الذين يؤثرون الصمت على البوح بتجاربهم و قراءاتهم الشخصية لتاريخ بلادنا

    نحن بأمس الحاجة لاستنساخ مركز التميمي و المجهود المبذول في هذا المجال .. أضن أنّه المركز الوحيد في تونس (إذا لم يكن في المنطقة) الذي يهتم بهذا العمل التوثيقي الرائع على هذا المستوى الأكاديمي

    يبقى أن يسعى مناضلونا أكثر لترك أدنى أثر للأجيال اللاحقة عمّا شهدوه أثناء معاصرتهم للأحداث الهامّة .. و أن تسعى هذه المؤسسة لمجهودات أكبر على مستوى التوزيع و النشر قصد دمقرططة المعلومة و نفع أعمّ

    عيب علينا واحنا في القرن ٢١ مزّلنا نستنّاو فيما تجود به أرشيفات فرانسا و بريطانيا باش نسمعو آش صار في بلادنا في وقت ما

    ربّي يفضلّك الوالد و انشالله تمكّن المتابعين لمدوّنتك من شيء من هذه الشهادة

    ملاحظة : تمكنت من قراءة هذه التدوينة دون الحاجة للبروكسي .. ثم رجائي أن تضيف على الصفحة الرّز الممكّن للإشتراك في متابعة المدوّنة عن طريق حساب الغوغل - بلوغسبوط



طارق الكحلاوي
نشأ طارق في أحد مدن الضواحي مدينة رادس الواقعة في الجمهورية التونسية. يشغل الآن موقع أستاذ في جامعة روتغرز (قسمي التاريخ و تاريخ الفن). تلقى طارق تكوينه الجامعي في جامعة تونس (كلية 9 أفريل، إجازة و دراسات معمقة في التاريخ و الآثار) و جامعة بنسلفانيا (رسالة دكتوارة في تاريخ الفن). و يعلق بانتظام على القضايا و الاوضاع العربية باللغتين العربية و الانجليزية في مواقع و صحف مثل "الجزيرة.نت" و "القدس العربي" و "الحياة" و "العرب نيوز" و "ميدل إيست أونلاين"، و يكتب عمودا أسبوعيا في جريدة "العرب" القطرية. يكتب أيضا في قضايا ثقافية و نظرية تخص الاسلام المعاصر في المجلة البيروتية "الآداب". و تمت استضافته للتعليق في قناة "الجزيرة الفضائية" و قناة 13 "بي بي أس" (نيويورك).

Tarek Kahlaoui
Tarek grew up in the suburban city of Rades in Tunisia. He is currently an Assistant Professor at Rutgers University (a joint position in the Art History and History departments). Tarek graduated from the University of Tunis (Bach. and DEA in history and archeology) and University of Pennsylvania (Ph.D. in history of art). Tarek also comments regularly in Arabic and English on Middle Eastern issues and politics in Aljazeera.net, Al-Quds Al-Arabi, Al-Hayat, Arab News, and Middle East Online, and writes a weekly column for the Qatari newspaper Al-Arab. He also writes on intellectual and theoretical issues related to contemporary Islam in the Lebanese magazine Al-Adab. He was also invited to comment in Al-Jazeera Channel, and in Channel 13 (PBS-New York).