أرسل لي منذ قليل الصديق سماح إدريس مقاله (في "الأخبار" اللبنانية) "رحلة في مجاهل الرقابة السعودية" حول الرقابة في معرض الرياض للكتب (السعودية)... سماح بوصفه مدير دار نشر "دار الآداب" يشارك في المعرض مثل غيره من المعارض و حمل معه مجموعة من الانطباعات بعد مشاركة سابقة... مع ملاحظة تقلص االرقابة هذه المرة إلا أنها متعددة الأطراف "رسمية" (ما يسمى بـ"المطاوعين") و "مراقبة الجمهور".. كما أنها لازالت عبثية مثلما يقول و يذكر أمثلة على ذلك من خلال أسباب منع كتب من منشورات "دار الآداب"... لفتت انتباهي هذه المقاطع بشكل خاص حيث اعتراض الرقابة ليس على محتوى الكتاب أصلا بل على صورة غلافه:
«حوض السباحة» (2001) لليابانيّة يوكو أوغاوا (ترجمة الراحل بسّام حجّار). هذه الرواية الصغيرة، الرقيقة، لا جنس فيها، ولا قبلة، ولا لمسة. ولكنّ الغلاف، الذي أغاظ أحدَ ممثّلي «هيئة المعروف والنهي عن المنكر»، ورسمتْه مها نصر الله، يُظهر الشقَّ الأيسرَ من صبيٍّ بمايوه سباحة، وإنْ لم يبدُ منه ثديٌ ولا خصْيةٌ ولا مَن يحزنون.
«عالمٌ يسع الجميعَ» (2008) لكاتب هذه السطور، والرسومُ لحاتم الإمام. في اليوم الثالث، أبلغني مسؤولُ الجناح أنّ ثلّةً من أعضاء «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» طلبتْ إليه عدمَ بيع قصّتي الموجّهة إلى الأطفال. السبب؟ غلافُها، الذي يُظهر أختين تتنافسان في الجلوس على كرسيٍّ هزّاز. المفارقة الكبرى هنا هي أنّ المطاوع تطوّع بأن يَخْرج من العالم الذي يُفترض (بحسب العنوان) أن يتّسعَ للجميع!
معطى آخر يلفت الانتباه هو طبعا ظاهرة "الممنوع.. المرغوب" على حد قول سماح.... و "مبيعات تحت الطاولة" سابقا... حيث يبيع بعض الناشرين من الممنوعات التي يتم ركنها تحت الطاولة ربما أكثر من المبيعات الرسمية... الممنوعات في معرض الرياض تمتد إلى حالات أخرى غير الصور ذات "الانطباع الجنسي" (الوهمي) خاصة منها الجانب السياسي بما في ذلك كتب تتحدث عن الظاهرة الإسلامية... و هنا أي في الراقبة ذات الطابع السياسي تشترك معظم معارض الكتب العربية... و كذلك الفكرية حيث توجد رقابة على الطرف الآخر في معارض مثل تونس القادم قريبا حول "كتب دينية" محددة (في المقابل هناك كتب "صفراء" ذات علاقة بالشعوذة يتم الترويج لها بسخاء).. و كتب القرضاوي من بين الكتب الممنوعة.. تصريحات مدير المعرض (بوبكر بن فرج؟.. كان مدير "المعهد الوطني للتراث" سابقا... شخص بيروقراطي بامتياز و ذي خلفيات ايديولوجية معينة) تشير إلى استمرار نفس الوضع... هنا... حيث أن الجهة التي ستحدد معنى "الكتب غير الحداثية" بنفس العقلية الاقصائية و السطحية و المسيسة للجهة السعودية التي تمنع "الكتب الحداثية"... وجهان لعملة واحدة



عدد التعاليق: 5

    تعليق: الزبراط ...  
    3 أفريل 2009 في 12:18 م
    أزال المؤلف هذا التعليق.

    تعليق: الزبراط ...  
    3 أفريل 2009 في 12:19 م

    سامحني طارق انجمشي نطلب منك توضيح للجملة هذي :''شخص بيروقراطي بامتياز...له خلفيات ايديولوجية معينة'' ؟؟؟
    شكرا


    تعليق: Tarek طارق ...  
    3 أفريل 2009 في 12:24 م

    بيروقراطي يعني شخص متاع مكينة... إداري.. يشد إدارات ما يبداش مختص فيها.. و هذاية نعرفو من طريقة إدارتو لمعهد التراث سابقا... عندو خلفيات ايديولوجية معينة: معروف أنو قريب من تيار معين لليسار التونسي


    تعليق: الزبراط ...  
    3 أفريل 2009 في 2:53 م

    اولا تعريفك للبيروقراطية هو تعريف ينجم ينطبق عالسواد الاعظم مالادارة التونسية...لكن ''بوبي'' صحيح ابعد مايكون على معهد التراث في تكوينو وتجربتو اما في معرض الكتاب ''نسبيا'' ڨادد روحو بمعنى المعرض متاع تونس يقعد ديما حدث ثقافي في ظل غياب احداث في نفس الحجم او حتى حياة فكرية باتم معنى الكلمة لاسباب نعرفوها.
    ثانيا...الرقابة اللي تصير عالكتب لا ناقة له فيها ولا جمل يعني الكتبة اللي ماتدخلش تقعد محجوزة فالديوانة حتاكشي لين العارضين يروحوا بيها.والرقابة ماتشملش نوع او اتجاه فكري بالخصوص لكنها شبه اوتوماتيكية تقع على كل مايمكن ان يخل بـ''النظام'' يعني كيما تتحجب كتب ابن تيمية والقرضاوي وسيد قطب كيما تتحجب كتب هويلبيك و فينكلكراوت...وت عمناول كي مشيت كتاب سلوى النعيمي ''برهان العسل '' تشد ومادخلش...المسؤول متاع دار الطليعة خج في مخو باعتبار انو الناس الكل ينتظروا فالكتاب وكان معمل يصور منو حويجة باهية.
    وكان تزيد تسال تاو تشوف اللي اول مابدا المعرض(يظهرلي عام 83)ماكانوش يسمعوا بالرقابة وكان ''بوبي '' يظهرلي زادة المدير.
    بخصوص توجهاتو السياسية...صحيح كان من اليساريين ولتوا مازال عندو بعض التوجهات لكن مقارنة بقائمة طويلة من قالبي الفيستة عمروا ماضرب البندير وعمرو ماعمل على مناصب ولا تسميات...والناس في وزارة الثقافة الكل يشهدولو بذلك وصمد حتى في وجه ''فاطمة بوساحة'' (كنية لواحد مالوزراء متاع الثقافة اللي تعداو هههههههه) اللي سكر عليه وعالمعرض اللعب.
    اما المفيد فيما يخص الرقابة....شخصيا نتصور يستحيل ويستحيل ويستحيل انو سي بن فرج يمنع عرض كتاب مالكتبة...يقعد ديما راي شخصي


    تعليق: Tarek طارق ...  
    4 أفريل 2009 في 6:00 ص

    المسألة واضحة.. كيفما موجود في النصريح المرة هذية (ربما فمة مدير جديد؟)و كيفما صرح قبل معارض سابقة فإنو واضح إلي هو مشرف على الأقل شكليا على منع "الكتب غير الحداثية"
    whatever that means
    "بوبي" (هههههههه..) نتصور شخص راشد و يعرف إلى هو من موقعو كمدير للمعرض كيف يعمل تصريحات من النوع هذا أنو عمليا يولي جزء من العملية حتى لو افترضنا أنو ما ياشوروهش في التفاصيل (و هذا أمر عادي و ماعندوش فيه اختيار كيف غيرو من الملفات ذات الطابع السياسي)... طبعا نتصور نتفقو إلي ما يلزمشي تبرير حجب ابن تيمية و القرضاوي أو حتى "فينكلكراوت" (؟!) تحت مسمى "الاخلال بالنظام" أو "تعكير صفو الامن العام".. لأنو حتى مدونة "رديون" تتحجب على أساس نفس المنطق..

    ملاحظة أخيرة "غير الحداثية" تشمل كتب سياسية أيضا لـ"حداثيين" في بعض الأحيان و القائمة طويلة و شديدة التنوع... تنشرت يظهرلي عمناول في واحد من المواقع الالكترونية



طارق الكحلاوي
نشأ طارق في أحد مدن الضواحي مدينة رادس الواقعة في الجمهورية التونسية. يشغل الآن موقع أستاذ في جامعة روتغرز (قسمي التاريخ و تاريخ الفن). تلقى طارق تكوينه الجامعي في جامعة تونس (كلية 9 أفريل، إجازة و دراسات معمقة في التاريخ و الآثار) و جامعة بنسلفانيا (رسالة دكتوارة في تاريخ الفن). و يعلق بانتظام على القضايا و الاوضاع العربية باللغتين العربية و الانجليزية في مواقع و صحف مثل "الجزيرة.نت" و "القدس العربي" و "الحياة" و "العرب نيوز" و "ميدل إيست أونلاين"، و يكتب عمودا أسبوعيا في جريدة "العرب" القطرية. يكتب أيضا في قضايا ثقافية و نظرية تخص الاسلام المعاصر في المجلة البيروتية "الآداب". و تمت استضافته للتعليق في قناة "الجزيرة الفضائية" و قناة 13 "بي بي أس" (نيويورك).

Tarek Kahlaoui
Tarek grew up in the suburban city of Rades in Tunisia. He is currently an Assistant Professor at Rutgers University (a joint position in the Art History and History departments). Tarek graduated from the University of Tunis (Bach. and DEA in history and archeology) and University of Pennsylvania (Ph.D. in history of art). Tarek also comments regularly in Arabic and English on Middle Eastern issues and politics in Aljazeera.net, Al-Quds Al-Arabi, Al-Hayat, Arab News, and Middle East Online, and writes a weekly column for the Qatari newspaper Al-Arab. He also writes on intellectual and theoretical issues related to contemporary Islam in the Lebanese magazine Al-Adab. He was also invited to comment in Al-Jazeera Channel, and in Channel 13 (PBS-New York).