نشر برباش لوغو ذكرى تأسيس الاتحاد هنا

تزامنا مع ذكرى تأسيس الإتحاد العام التونسي للشغل يوم 20 جانفي 1946 و هو الحدث الذي لعب فيه الشهيد فرحات حشاد دورا رئيسيا و انتخب على إثره أول أمين عام للمنظمة النقابية.

لمن يرغب في الإطلاع على مزيد من المعلومات، يمكن زيارة مجموعة الفايس بوك المعدة للغرض (هنا) و كذلك المدونة (هنا)...

و تفاعلا مع النقاش عبر الفايس بوك تحت عنوان



و تفعيلا... و تذكيرا بالعريضة اللي تم نشرها (هنا) للمطالبة بملاحقة قتلة حشاد... يمكن الامضاء على العريضة بإرسال الاسم و الصفة على العنوان التالي


لمن يرغب في إضافة الشعار للمدونة متاعو زيارة مدونة برباش هنا
.................

فيما يلي النص الذي تم وضعه على مجموعة "تاريخ تونس" التي أنشأها الصدديق عدنان منصر

بمناسبة ذكرى تأسيس "الاتحاد العام التونسي للشغل" أسئلة حول النقابي و السياسي


1

كانت مسيرة تأسيس حركة نقابية تونسية خالصة متعثرة قبل أن تنتهي بالنجاح في 20 جانفي 1946 مع تأسيس "الاتحاد العام التونسي للشغل". إذ كان تأسيس "جامعة عموم العملة التونسيين" بقيادة محمد علي الحامي و الطاهر الحداد في العشرينات ثم المحاولة الأخرى في الثلاثينات من قبل بلقاسم القناوي تصطدم بمجموعة من الضغوط بما في ذلك الاستعمارية و لكن أيضا الأوضاع السياسية التونسية لتفشل في النهاية في ضم العمال و الموظفين التونسيين إليها. و هكذا بقيت النقابات الفرنسية المتمركزة في تونس لسنوات عديدة خاصة نقابة "السي جي تي" القريبة من "الحزب الاشتراكي" الفرنسي الاطار النقابي الذي استوعبهم. و لهذا لا يجب أن يكون من المفاجئ أن مؤسسي "الاتحاد العام التونسي للشغل" سنة 1946 كانوا في الأساس أعضاء في هذه النقابات، إذ أن نجاح نقابة تونسية خالصة كان ممكنا بالخصوص على أيدي نقابيين خرجوا من رحم نقابات يقودها فرنسيون. و هي نقابات مرتبطة في نهاية الأمر بالوضع الاستعماري ليس بسبب ضمها لعمال من أصول غير تونسية فحسب بل أيضا بسبب ارتباطها بأطراف سياسية إذ لم تكن مشاركة في تثبيت و تدعيم الوضع الاستعماري فهي ترفض العمل على الضد منه أو خارجه بما في ذلك تلك المنتمية إلى "اليسار" الفرنسي مثل الحزبين "الاشتراكي" و "الشيوعي" الفرنسيين.

بالرغم أن تأسيس "الاتحاد" لم يكن عملا فرديا لأبرز مؤسسيه الشهيد فرحات حشاد إلا أن سيرة الأخير النقابية هي سيرة مثالية من حيث أنها تحيلنا على رحلة التجربة النضالية التي أدت بالنقابيين التونسيين إلى فهم العلاقة الوطيدة بين الوعي النقابي و الوعي الوطني بما يعكس النضج الذي بلغته الحركة الوطنية إثر نهاية الحرب العالمية الثانية. فقد كان حشاد عضوا ناشطا في نقابة "السي جي تي" التي كان يقودها النقابي الفرنسي ذي الميول الاشتراكية بوزنكي و مع تزايد حالة التفقير المتفاقمة جراء ظروف الحرب و خاصة في صفوف العمال التونسيين و قبول "السي جي تي" باستمرار حالة التمييز في الأجر ضد هؤلاء قرر حشاد و نقابيون تونسيون آخرين مع أوائل سنة 1944 البدئ في تأسيس نقابة تونسية وهكذا تم الاعلان عن "إتحاد النقابات المستقلة بالجنوب" يوم 19 نوفمبر 1944 (شغل أمانته العامة فرحات حشاد). و تم بعد ذلك بأشهر تأسيس هكيل مماثل "اتحاد النقابات المستقلة بالشمال" في 6 ماي سنة 1945 لتتشكل الأطر الأساسية التي ستمهد لتأسيس نقابة تونسية جامعة من قبل حوالي 50 نقابة أساسية من عموم القطر التونسي يوم 20 جانفي 1946 في مقر "الجمعية الخلدونية" في تونس. المؤتمر الذي تحمس لاستضافته مدير "الجمعية" الشيخ الفاضل بن عاشور و كان مدرسا بجامع الزيتونة عكس الاتساع الاجتماعي و الجهوي و السياسي و الفكري لتركيبة المنظمة النقابية الجديدة إذ تم انتخاب حشاد أمينا عاما لها و الشيخ بن عاشور رئيسا شرفيا و ضمت في صفوفها ناشطين في "الحزب الدستوري الجديد" و لكن أيضا نقابيين من أطياف فكرية مختلفة و اصول اجتماعية و جهوية متنوعة. و هكذا لم ولادة "الاتحاد" في سياق تفاعلات اجتماعية أو نقابية خالصة بل كانت جزءا من حالة وطنية عامة، إذ كان ذلك مقدمة للتحالف الوطني الواسع الذي بدأ يتشكل حول مطلب الاستقلال و هو الأمر الذي سيتجسم في مؤتمر "ليلة القدر" في شهر أوت 1946 و الذي شارك في إنجاحه "الاتحاد العام التونسي للشغل".

2

اخترت أن أضع هذا النص على صفحة مجموعتنا هذه و ليس صفحتي الشخصية لأنني آمل أن تكون هذه المجموعة ليس مجالا لتبادل الروابط و قص و لصق نصوص مصدرية على أهمية كل ذلك بل أيضا مجالا للنقاش المؤسس على شيء من التوازن و الهدوء و هو الأمر الذي بدأ يحصل فعلا و لو بشيء من البطئ في ركن النقاشات هذا.

كتبت هذا النص في سياقات مختلفة خاصة و معرفية و سياسية: منها الذكرى القريبة لتأسيس منظمة قريبة من نفسي و هي المناسبة و التي لا يبدو أنها ستكون "احتفالية" مثلما جرت العادة هذا العام، و منها تفاعلات موضوع اغتيال حشاد التي أثيرت في الأسابيع الأخيرة، و منها أجواء الصرع النقابي الموسمي بمناسبة المؤتمرات النقابية القطاعية و الجهوية. من بين الأسئلة التي راودتني (و التي لن أطرحها من موقع أكاديمي فحسب بل من زاوية تجريبية، تفكير بصوت عال):

- على ضوء ما نعرفه عن حشاد بأثر رجعي كيف يمكن تصنيف الرجل؟ تبعا لبعض المقاييس التي يمكن وصفها بالمؤدلجة و الجامدة لدى البعض فإنه من غير الممكن أن يتم تصنيف شخص أو طرف ضمن "اليسار" حتى لو كان نقابيا، و في نفس السياق لا يمكن (حسب ذات المقاييس) أن نمنح لقب "اليسار" لشخص أو طرف إلا ضمن إحداثيات من نوع "التقدمي" و "الحداثي" و غير ذلك و هي توصيفات حمالة أوجه و تتجاوز الممارسة النقابية للتصور الفكري، و الأهم من ذلك تخضع لتقييمات مختلفة إذ ما أعتقد أنه "تقدمي" ليس ضرورة ما تعتقده أنه "تقدمي"، و هكذا ننزاح إلى المعايير الايديولوجية في التصنيف النقابي. و على هذا الأساس هل "يسمح" البعض بالنظر إلى حشاد على أنه "يساري" و هل "يسمح" نفس البعض على النظر إلىه كـ"تقدمي" و "حداثي"؟ ماذا عن مشائخ الزيتونة الذين انضموا للحدث التأسيس للاتحاد بما في ذلك الشيخ الفاضل بن عاشور؟ ألا يكفي أن يكون شخص أو طرف منخرط بجدية في العمل النقابي المطلبي حتى يكون "يسارا" أو "يسارا حقيقيا" أم أنه يحتاج إلى تطعيمات أخرى من قبيل "النقابية الثورية"؟ ثم كيف يمكن أن نصنف في هذا السياق أطراف أو أشخاص كانوا "تقدميين" (قياسا بمقاييس البعض المشار إليهم أعلاه) من قادة و ناشطي النقابات الفرنسية "اشتراكية" كانت أو "شيوعية": هل هم "يسار" حتى لو كانوا غير معنيين تماما أو بجدية بمشروع التحرر الوطني آنذاك؟

-سؤال آخر قديم يتجدد كلما نعترض حدث تأسيس مؤسسة أنشأتها "الحداثة" (مثل النقابة أو الحزب..) في بلد يخضع للاحتلال (و هي أسئلة تهم أيضا الأوضاع ما بعد الكولنيالية): ألم تكن النقابة التونسية ممكنة جزئيا في أقل الأحوال بفضل ما يمكن تسميته بالنقابة الاستعمارية، أو النقابة الفرنسية المؤسسة في سياق استعماري؟ أليس تحديث الوسائل النضالية للتحرر الوطني بما في ذلك من خلال تأسيس نقابات و أحزاب تونسية هو نتاج للاحتكاك و التفاعل مع النقيض أي الاستعمار ذاته؟ و بأثر رجعي كيف يمكن لنا أن نخوض نقاشا حول المرحلة الاستعمارية دون السقوط في القراءات ذات البعد الواحد، المسيسة في هذا الاتجاه أو ذاك، في اتجاه تبرير الاستعمار و المنطق الكولونيالي أو استعداء كتل اجتماعية و ثقافية كاملة؟

طبعا لدي إجاباتي أو الأصح مقدمات لاجابات على هذه الأسئلة أتركها لتفاعل النقاش إن حصل نقاش و ذلك بدافع تجنب التلقين و إدعاء امتلاك نهايات هذا الموضوع



عدد التعاليق: 4

    تعليق: الزبراط ...  
    15 جانفي 2010 في 9:15 ص

    جيست توضيح صغير
    على حسب علمي لم يكن هناك حزب اشتراكي فرنسي عام 1946 وعمرها مالسي جي تي كانت قريبة مالحزب الاشتراكي لكنها كانت في تبعية تامة للحزب الشيوعي وماخرجت منو كان عام 92


    تعليق: Tarek طارق ...  
    15 جانفي 2010 في 11:38 ص

    طبعا كان فمة حزب اشتراكي فرانساوي من قبل 1946.. شكون شارك في الجبهة الشعبية بقيادة ليون بلوم؟ صار انشقاق من بداية العشرينات... و خرجو زوز أحزاب شيوعي و اشتراكي من وقتها... و السي جي تي كانت تحت صراع بين الشيوعيين و الاشتراكيين: في تونس و سبب من أسباب خروج حشاد من السي جي تي هو أنو أصدقاؤو الاشتراكيين خسرو في انتخابات مارس 1944 في الانتخابات متاع السي جي تي.. تبع النقاش إلي صار في مجموعة "تاريخ تونس".. أهوكة الكزدغلي حاطط تفاصيل أكثر


    تعليق: Tarek طارق ...  
    15 جانفي 2010 في 11:39 ص

    معطيات معروفة حول الاشتراكيين الفرنسيس ملخصة لهنا
    http://fr.wikipedia.org/wiki/Parti_socialiste_%28France%29#1905-1920_:_de_l.27union_.C3.A0_la_scission


    تعليق: Tarek طارق ...  
    15 جانفي 2010 في 12:02 م

    و هاو مقال متاع جولييت بسيس حول تاريخ الحركة العمالية التونسية يتحدث بالخصوص على دور
    Albert Bouzanquet
    إلي كان قيادي اشتراكي (مش شيوعي) و في نفس الوقت كان في فترات قيادي في السي جي تي.. و حشاد دخل للعمل النقابي من خلالو هو.. قبل ما يختلف معاه و يقود تونسة النقابات
    http://www.jstor.org/pss/3807127



طارق الكحلاوي
نشأ طارق في أحد مدن الضواحي مدينة رادس الواقعة في الجمهورية التونسية. يشغل الآن موقع أستاذ في جامعة روتغرز (قسمي التاريخ و تاريخ الفن). تلقى طارق تكوينه الجامعي في جامعة تونس (كلية 9 أفريل، إجازة و دراسات معمقة في التاريخ و الآثار) و جامعة بنسلفانيا (رسالة دكتوارة في تاريخ الفن). و يعلق بانتظام على القضايا و الاوضاع العربية باللغتين العربية و الانجليزية في مواقع و صحف مثل "الجزيرة.نت" و "القدس العربي" و "الحياة" و "العرب نيوز" و "ميدل إيست أونلاين"، و يكتب عمودا أسبوعيا في جريدة "العرب" القطرية. يكتب أيضا في قضايا ثقافية و نظرية تخص الاسلام المعاصر في المجلة البيروتية "الآداب". و تمت استضافته للتعليق في قناة "الجزيرة الفضائية" و قناة 13 "بي بي أس" (نيويورك).

Tarek Kahlaoui
Tarek grew up in the suburban city of Rades in Tunisia. He is currently an Assistant Professor at Rutgers University (a joint position in the Art History and History departments). Tarek graduated from the University of Tunis (Bach. and DEA in history and archeology) and University of Pennsylvania (Ph.D. in history of art). Tarek also comments regularly in Arabic and English on Middle Eastern issues and politics in Aljazeera.net, Al-Quds Al-Arabi, Al-Hayat, Arab News, and Middle East Online, and writes a weekly column for the Qatari newspaper Al-Arab. He also writes on intellectual and theoretical issues related to contemporary Islam in the Lebanese magazine Al-Adab. He was also invited to comment in Al-Jazeera Channel, and in Channel 13 (PBS-New York).