قرأت اليوم صباحا مقالا لكاتب الاعمدة في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان (هنا)... المقال بمثابة الجريمة بذاتها بما أنه لا يفسر استراتيجيا قتل المدنيين لجيش الاحتلال بل يسوقها حيث يعتبرها "الألم الكافي" لـ"تربية حماس" و من ثمة تحقيق "الانتصار".. سأترك جانبا مسائل "الانتصار" و "الهزيمة" (في الحربين، غزة و لبنان) و كذلك العلاقة بين مقال فريدمان و الصراع القائم بين القيادات الاسرائيلية حول "اهداف الحرب" و من ثمة توقيت وقفها (هنا).. المريع في الموضوع هو أن يتم طبع مقال في واحدة من أهم الصحف التي تصدر في قلب الديمقراطية الغربية يدافع بهذا الوضوح عن عقلنة المجازر الشاملة ضد المدنيين كوسيلة عسكرية ضد الشعوب التي لديها وسائل مقاومة محدودة... مجرد الطرح العلني لفكرة "التربية" من خلال المجازر من قبل صحفي يوسم بـ"الاعتدال" و في صحيفة توصف بـ"الاعتدال" سنة 2009 تحيل على انحطاط أخلاقي مريع... إذ هناك فرق بين ارتكاب المجازر في وضح النهار و الاصرار الكاذب على أنها "غير مقصودة".. و تقديمها بشكل "معقلن" على أنها استراتيجيا ليست مقصودة فقط بل ناجحة أيضا... المعنيون (المحترفون و الهواة) بالصراع ضد القروسطية و البربرية على أنها مفهوم معادي لـ"الحداثة" عليهم التمعن أكثر في الواقع
ما خفف الأمر أن أجد انتقادات قوية في عدد (قليل) من المواقع الإعلامية الأمريكية لهذا الموقف الوحشي... أفضل رد فعل على مقال فريدمان المقال الهادئ و العميق و المعبأ بالشعور بالعار لغلان قرينوالد (هنا)... المقارنات المبسطة بين "استراتيجيا فريدمان" و التعريفات البديهية بما في ذلك الأمريكية لمفهوم "الارهاب" و كذلك التنصيص على المواقف المتشبثة بخيار مقاومة الهمجية عوض الرضوخ لها عند ارتكاب المجازر تمثل فقط جزءا من الرد الممكن على فريدمان.. بقية الرد يجب أن تتجه مباشرة صوب نقد التجربة الغربية للحداثة في سياقها الاستعماري الذي يرجع إلى مصادرها الأولى... المجازر الجماعية لترويع المدنيين و الاخضاع هو فقه استعماري يسبق حرب لبنان و ليس إبداعا إسرائيليا... هو تلك "القيمة" التي تفضح العلاقة الملبتسة واقعيا بين "ماقبل الحداثة" و "الحداثة".. استمرار البربرية في أشكال أخرى و بالرغم من الشعار الحداثوي هو المشكل الرئيسي عند نقد "إستراتيجيا فريدمان"...
لكن ليس هناك تاريخ غربي فحسب لهذه الاستراتيجيا.. بل هناك أيضا تاريخ غربي لنقدها (ماركسي-نيتشوي-فرويدي...)... العزاء الوحيد للحداثة (مثل أي ظاهرة تاريخية على كل حال) أنها ليست حالة ذات بعد واحد... الصناعة المستمرة للتقنية لا تخلق فقط وسائل الارهاب العسكري من نوع "الفوسفور الأبيض" بل أيضا ديمقراطية الصورة... في هذا العصر مقال فريدمان لم يعد وحده منبرا للرأي بل هناك أيضا قرينوالد، و الأخير ليس الأشرف فحسب بل الأكثر قراء أيضا...
ما خفف الأمر أن أجد انتقادات قوية في عدد (قليل) من المواقع الإعلامية الأمريكية لهذا الموقف الوحشي... أفضل رد فعل على مقال فريدمان المقال الهادئ و العميق و المعبأ بالشعور بالعار لغلان قرينوالد (هنا)... المقارنات المبسطة بين "استراتيجيا فريدمان" و التعريفات البديهية بما في ذلك الأمريكية لمفهوم "الارهاب" و كذلك التنصيص على المواقف المتشبثة بخيار مقاومة الهمجية عوض الرضوخ لها عند ارتكاب المجازر تمثل فقط جزءا من الرد الممكن على فريدمان.. بقية الرد يجب أن تتجه مباشرة صوب نقد التجربة الغربية للحداثة في سياقها الاستعماري الذي يرجع إلى مصادرها الأولى... المجازر الجماعية لترويع المدنيين و الاخضاع هو فقه استعماري يسبق حرب لبنان و ليس إبداعا إسرائيليا... هو تلك "القيمة" التي تفضح العلاقة الملبتسة واقعيا بين "ماقبل الحداثة" و "الحداثة".. استمرار البربرية في أشكال أخرى و بالرغم من الشعار الحداثوي هو المشكل الرئيسي عند نقد "إستراتيجيا فريدمان"...
لكن ليس هناك تاريخ غربي فحسب لهذه الاستراتيجيا.. بل هناك أيضا تاريخ غربي لنقدها (ماركسي-نيتشوي-فرويدي...)... العزاء الوحيد للحداثة (مثل أي ظاهرة تاريخية على كل حال) أنها ليست حالة ذات بعد واحد... الصناعة المستمرة للتقنية لا تخلق فقط وسائل الارهاب العسكري من نوع "الفوسفور الأبيض" بل أيضا ديمقراطية الصورة... في هذا العصر مقال فريدمان لم يعد وحده منبرا للرأي بل هناك أيضا قرينوالد، و الأخير ليس الأشرف فحسب بل الأكثر قراء أيضا...
في إطار حرية التعبير لن أعتبر المقال كجريمة و لكنه مهزلة على كل حال من صحيفة كصحيفة النيويورك تايمز و سُمعتها... كأنّي بفريدمان يُطبق مقولة خالف تُعرف و بطريقة هاوية جدّ غريبة...شكرا على الكتابة بالفصحى لأنها تسهّل ترجمتها من قبل القّراء الأجانب و هو هدفك على ما أظن.
يظهرلي الشيء من ماتاه لايستغرب وانتي ادرى الناس باشكونو فريدمان
وهاو في نفس السياق شبه مثقف فرنسي (اندري غلوكسمان) في افتتاحية جريدة لوموند ماكانش مالعكسين وكتب ماابشع ماكتب خلال هذه الازمة
http://www.facebook.com/home.php?#/note.php?note_id=73780892456&ref=mf
لعلّي أذهب إلى حدّ القول أنّ بعض العرب من أوساط و اتّجاهات نعرفها جميعا يشاطرون رأي فريدمان و إن لم يصرّحوا بذلك خصوصا فيما يتعلّق بموقفهم ضدّ حماس ، و لكنّ الإقرار بقتل المدنيّين يبقى جريمة بكلّ المقاييس مهما حاولنا أن نمطّط مبدأ حريّة التعبير
@Wallada:
أوافقك الرأي فأنا أعتبر أن الهجوم الأخير على غزة رغم كل الخسائر البشرية قد كشف لنا بعض المواقف الغامضة أي من مع من و من على من...لقد سقطت ورقة التوت عن الجميع كما يقولون
:)))
إرسال تعليق