لنضع جانبا التغطية الاعلامية في المجال العربي و الاسلامي للحرب على غزة حيث من الطبيعي أن تكون معبرة عن الطرف الفلسطيني.. تلك معركة خاسرة لا يمكن أن تربحها إسرائيل ببعض الكتاب في "إيلاف" و "شفاف الشرق الأوسط" أو بعض الصبية في مجموعات تتعلق بأوساط عربية على شبكة "فايسبوك" أو المعلقين العسكريين الناطقين بعربية مخنوقة في الفضائيات العربية... الطرف الاسرائيلي يعرف جيدا أين يجب أن يركز قواه، تحديدا في المجال الغربي.. المشرف على العملية الدعائية الاسرائيلية ("الحسبرة" بالعبرية أو "التفسير" حسب المفردات الرسمية)، و مثلما يكشف أكثر من تقرير خلال الأيام الماضية (هنا و هنا)، خاصة في الوسط الغربي هي هيئة حكومية مختصة تسمى "دائرة الاعلام القومي" تم تأسيسها منذ ثمانية أشهر و تنسق نشر المعلومات بين مختلف الهيئات الاسرائيلية... هذه الهيئة الرسمية تقوم أنشطتها المعلنة بالأساس (و هنا من المؤكد أنه توجد أنشطة غير معلنة بما هي طبيعة حركة أي دولة في حالة حرب و تعتمد على جهاز مخابرات خارجي معروف بأنشطته الدعائية) على نشر إعلانات مدفوعة الأجر في صحف غربية..

من الطرق الرئيسية التي يتم التركيز عليها الآن وضع إعلان تحت عنوان "ماذا لو كانت حماس في حيك؟" مع صورة خريطة تضع قطاع غزة بجانب مدينة غربية يتم اختيارها حسب موقع الصحيفة التي يتم فيها الإعلان (هناك رابط هنا على موقع "رابطة معاداة التشهير" الأمريكية المقربة من اللوبي الاسرائيلي يوفر طبع إعلان حسب قائمة من المدن و التي لم يكن من الصدفة أن تكون في معظمها غربية)... رغم ذلك فإن الصراع الاعلامي القائم الآن يشير بوضوح إلى عجز إسرائيلي على المنافسة.. السبب الرئيسي طبعا هو الدمار الكبير الذي لحق غزة و الصور البشعة لقتل المدنين التي تنقلت عبر العالم.. و بالتالي الواقع القائم كما هو منقول... و هكذا فحتى داخل هذا السياق الغربي بدأ ميزان القوى في التأرجح ضد المصلحة الاسرائيلية خاصة خلال الأيام القليلة الماضية... لنضع جانبا تذمر بعض الصحفيين الغربيين الممنوعين من التغطية و صور اللاعب المالي كانوتي التي أشرت اليها سابقا (هنا).. المسيرات الضخمة التي حدثت في لندن و خاصة مدريد (بمشاركة اعضاء في الحزب الحاكم و هو ما أدى إلى أزمة ديبلوماسية اسرائيلية اسبانية) هي تعبير أولي على ما يحدث...

صحيفة الجيروزليم بوست في عدد اليوم نشرت مقالا اعتذاريا و دفاعيا في الغالب (هنا) يعكس تخوفا من انعكاس اتجاه الرياح خاصة عندما تقوم مجلة منتشرة بشكل واسع في قلب المجال الغربي أي الولايات المتحدة مثلما هي مجلة "التايم" بنشر عنوان و صورة على صدر عددها الجديد (من دون أجر) في في اتجاه ينتقد بالأساس الحرب الراهنة على غزة... هناك حملة الآن (كما ينقله موقع إسرائيلي آخر هنا) من قبل بعض "المدونين الإسرائيليين" على قناة "سي أن أن" لأنها نشرت فيديو قصير لوفاة رضيع فلسطيني محاولين التشكيك في صدقية الشريط (من دون تقديم أي حجج جدية بالمناسبة) و رغم ذلك تمسكت "سي أن أن" و مراسلها في غزة بصدقية الشريط... مقال الجيروزاليم بوست المليء بتساؤلات استنكارية عن السبب الذي يجعل إسرائيل مسؤولة في أعين صحف غربية عديدة نشرت على صفحاتها الأولى أحيانا صورا و عناوين تحمل عمليا إسرائيل مسؤولية ما يحدث، هذا المقال يشير إلى عجز ليس في المعركة الاعلامية و لكن عجز استبليشمانت الاعلام الاسرائيلي (حيث أن المقال ينقل آراء و ردود أهم الصحف الاسرائيلية) و عدم رغبته في فهم أن الواقع أكبر من فبركة الصورة خاصة في العصر الراهن.. عصر ديمقراطية الصورة.. طبعا هذا لا يعني أن عصر التحيز الاعلامي انتهى لكنه يعني أن تعدد المصدر و السهولة المتزايدة للمواطنين للتحصل على مصادر متعددة للمعلومة تجعل افتضاح التحيز أكثر احتمالا خاصة بمرور الوقت... و هذا بعد آخر يحد من خيارات أي طرف عسكري عدواني في الوقت الراهن يعتقد أنه يمكن له التصرف مثلما كان يتصرف منذ خمسين سنة

عدد التعاليق: 4

    تعليق: Walid ben omrane ...  
    13 جانفي 2009 في 3:17 م

    Ahla Tarek zid 3la haka inu masder elma3lumat wala b chakel kbir majbud mil Internet haka 3lach Tv walat 3ajza w kalmet démocratie de l'image est bien à sa place.


    تعليق: Sarah Ben Hamadi ...  
    13 جانفي 2009 في 3:22 م

    effectivement, bien que les lobbies juifs et sionistes sont bien implantés dans les médias occidentaux, cette fois l'atrocité de ce qu'ils font est montrée au grand jour par les différents médias indépendants (internet y a joué un grand rôle) , les images parlent d'elles mêmes, et Israel même si elle peut toujours compter sur le soutien de ses alliés historiques commence à perdre sa crédibilité et le monde commence à peine à découvrir de quoi cet Etat terroriste est capable


    تعليق: AntikoR ...  
    14 جانفي 2009 في 3:29 ص

    طارق.. تراشي ألّي التهم المفبركة الّي كانت سبب في تبريرالحرب على العراق و ألّي بان بعد بطلانها هي حاجة من الحاجات ألّي خلاّت الإعلاميين الغربييّن مجبورين باش يشكّو في ما يقوله المسؤولين متاعهم و متاع حلفائهم و أصدقائهم..

    أنا حسب رأي الحرب على العراق خلاّت العالم الكلّ يهتم بالشرق الأوسط بطريقة مختلفة


    تعليق: غير معرف ...  
    14 جانفي 2009 في 4:43 ص

    Peut-etre que l'image de Israel s'est degradee dans l'occident. Mais dans tous les cas, Israel a profite plutot de l'appuie des gouvernements Arabes dans cette guerre, commencant par le gouvernement Egyptien.

    Et surtout que cette guerre a pris la forme d'une guerre contre l'Islamisme dans les yeux de certains. Ce qui a pousse certains pretendus laiques, modernes, et liberals Arabes a soutenir Israel d'une facon directe et indirecte. En pensant que l'enemie de leur enemie et leur ami.

    Deja, la reaction de plusieurs Tunisiens dans la blogosphere et meme dans les journaux le prouve.

    Israel a toujours su profite de l'inimite interne au sein des pays Arabes et de l'inimite entre les pays Arabes. A mon avis, cela l'a toujours servit plus que l'appuie occidental.



طارق الكحلاوي
نشأ طارق في أحد مدن الضواحي مدينة رادس الواقعة في الجمهورية التونسية. يشغل الآن موقع أستاذ في جامعة روتغرز (قسمي التاريخ و تاريخ الفن). تلقى طارق تكوينه الجامعي في جامعة تونس (كلية 9 أفريل، إجازة و دراسات معمقة في التاريخ و الآثار) و جامعة بنسلفانيا (رسالة دكتوارة في تاريخ الفن). و يعلق بانتظام على القضايا و الاوضاع العربية باللغتين العربية و الانجليزية في مواقع و صحف مثل "الجزيرة.نت" و "القدس العربي" و "الحياة" و "العرب نيوز" و "ميدل إيست أونلاين"، و يكتب عمودا أسبوعيا في جريدة "العرب" القطرية. يكتب أيضا في قضايا ثقافية و نظرية تخص الاسلام المعاصر في المجلة البيروتية "الآداب". و تمت استضافته للتعليق في قناة "الجزيرة الفضائية" و قناة 13 "بي بي أس" (نيويورك).

Tarek Kahlaoui
Tarek grew up in the suburban city of Rades in Tunisia. He is currently an Assistant Professor at Rutgers University (a joint position in the Art History and History departments). Tarek graduated from the University of Tunis (Bach. and DEA in history and archeology) and University of Pennsylvania (Ph.D. in history of art). Tarek also comments regularly in Arabic and English on Middle Eastern issues and politics in Aljazeera.net, Al-Quds Al-Arabi, Al-Hayat, Arab News, and Middle East Online, and writes a weekly column for the Qatari newspaper Al-Arab. He also writes on intellectual and theoretical issues related to contemporary Islam in the Lebanese magazine Al-Adab. He was also invited to comment in Al-Jazeera Channel, and in Channel 13 (PBS-New York).