لم أقرأ كثيرا للجامعي التونسي عبد الوهاب المدب.. أرسل لي الصديق وليد بن عمران هذا الرابط لحوار جمع المدب بطارق رمضان في برنامج للقناة الفرنسية الثالثة... و الحقيقة كان أداء المدب في هذا الحوار أقل مما كنت أتوقع: يروج لفكرة تعميمية متعالية تستبعد روح البحث و الدقة و بالتأكيد لا يستعمل لغتها أي أكاديمي يحترم نفسه مفادها أن"المرض في الإسلام"... يدافع عن فكرة بمعزل عن المعطيات المتوفرة أو بالتحديد غير ملم بالموضوع الذي يتصدى له (خاصة فيما يخص تاريخانية و أحيانا حتى مضمون المتن الفقهي و هو الأمر الواضح في علاقة بمعرفته بكتابات الشاطبي... هذا إذا تجاوزنا التفصيل الخاص بتفسير معنى كلمة "الحق" في القصيدة المعروفة للحلاج... أيضا الإحالات الفلسفية غير الموفقة بما في ذلك الاحالة على المفهوم النيتشوي للإنسان رد الفعلي عندما مقارنته بالإسلاميين الراديكاليين و التعالي على رمضان لمجرد محاولته التصحيح... في حين من الواضح أن رمضان أكثر إطلاعا في الموضوع خاصة أنه موضوع رسالة دكتوراه نيتشة!)... بالإضافة الى ذلك يتبنى موقف سياسي في علاقة بقتل المدنيين الأفغان خلال القصف الأطلسي لا أعتقد حتى الناطق باسم البنتاغون سيجرؤ على إستعماله (و أنا هنا جاد فيما أقول لأني أعرف أن البنتاغون تجنب التعليق آنذاك على قتل المدنيين).. و يتبنى فكرة كاريكاتورية تنتمي لعصر الحرب الباردة مفادها أن "العلمانية ممكنة بدون الديمقراطية"... و في النهاية كان المدب غير قادر على النقاش أصلا بقدر ما كان يرغب في الاستماع إلي ذاته فحسب (أو الرد على رمضان بطريقة مشخصنة تركز على إنتمائه الدموي بالإحالة المتكررة على جده و ليس على معطيات فكرية).. من زاوية معرفية أكاديمية كان المدب مبعثا على العار... و هذا محزن بالنسبة لي كتونسي... وصف طارق رمضان لهذا النوع من الكتاب ("مونولوجيست يتفاعل مع ذاته") مناسب جدا و ينطبق للأسف على بعض الأكاديميين التونسيين الآخرين
الحقيقة و في المقابل بدى رمضان عقلانيا (أو بشكل أصح عقلانيا ما بعد حداثي) أكثر ثقافة و من ثمة أكثر مدعاة للاحترام... في حين كان المدب عقلانيا محدود الثقافة (بالإضافة إلي كلاسيكيته الحداثية).. و من ثمة عقلانيا غير مؤثر.. الفكر العقلاني الحداثي في معركة كبيرة... ليست، كما هو ظاهر أو كما يرغب بعض العقلانيين أن يتصوروا، مع رؤى إسلامية راديكالية بل مع عقلانية أخرى... تشكلت في مواجهة الإخفاقات الحداثية... و بالتأكيد المدب لا يمثل مؤشرا على ربح هذه المعركة... بل بالتحديد على إمكان الإنهزام فيها.. من حسن الحظ أن عالميا لدينا أمثلة أكثر جدية (مثل هابرماس) تدافع عن العقلانية الحداثية (أو الكلاسيكية).. و هو ما يضمن حوارات أكثر جدية و ثراء
الحقيقة و في المقابل بدى رمضان عقلانيا (أو بشكل أصح عقلانيا ما بعد حداثي) أكثر ثقافة و من ثمة أكثر مدعاة للاحترام... في حين كان المدب عقلانيا محدود الثقافة (بالإضافة إلي كلاسيكيته الحداثية).. و من ثمة عقلانيا غير مؤثر.. الفكر العقلاني الحداثي في معركة كبيرة... ليست، كما هو ظاهر أو كما يرغب بعض العقلانيين أن يتصوروا، مع رؤى إسلامية راديكالية بل مع عقلانية أخرى... تشكلت في مواجهة الإخفاقات الحداثية... و بالتأكيد المدب لا يمثل مؤشرا على ربح هذه المعركة... بل بالتحديد على إمكان الإنهزام فيها.. من حسن الحظ أن عالميا لدينا أمثلة أكثر جدية (مثل هابرماس) تدافع عن العقلانية الحداثية (أو الكلاسيكية).. و هو ما يضمن حوارات أكثر جدية و ثراء