كيف قلت سابقا (هنا) بش نكتب سلسلة من المقالات حول موضوع الاسلاموفوبيا.. بعد المقال الأول (هنا أو هنا) إلي تحدثت فيه على نشأة مصطلح الاسلاموفوبيا في بريطانيا بمناسبة منعها النائب في البرلمان الهولندي غيرت فيلدرز المتهم بالاسلاموفوبيا من دخول أراضيها... المقال الثاني هو تخصيص على نموذج فيلدرز و التعمق في كيفية تحولو إلى تبني الموقف الاسلاموفوبي (نعرفو من خلالو مثال واقعي مش نظري على الظاهرة هذية)... كذلك تموقعو مش فقط في الاطار الهولندي و لكن كذلك في اطار نمو التيار النيومحافظ من خلال الادارة الامريكية السابقة خاصة بعد أن تبين للكثيرين خاصة أطراف رئيسية في النخبة الحاكمة أمريكيا الميراث السيئ في علاقة بالنظرة إلى الاسلام إلي خلفتو الادارة هذية كيفما كان واضح من خطاب أوباما في 20 جانفي.. المرة القادمة بش يكون موضوع المقال وين وفى المقال الثاني: حول من سميتهم بـ"اسلاموفوبيي الخدمة" و علاقتهم بالتيار الاسلاموفوبي السائد
رابط المقال و صورة المقال
نص المقال
في الاسلاموفوبيا (2)
طارق الكحلاوي
يمثل غيرت فيلدرز (Geert Wilders) نموذجا كلاسيكيا للاسلاموفوبيا في سياقها الأوروبي الراهن. لماذا إذا يقع تعريف مواقف فيلدرز ضمن دائرة الاسلاموفوبيا؟ من حيث الخطاب المعلن يكرر فيلدرز مقولة متوقعة من أي خطاب إسلاموفوبي عندما يتبنى سلوكا إعتذاريا: "أنا لا أكره المسلمين بل أكره الإسلام" ("الغارديان" 17 فيفري الجاري). المشكل، مبدئيا، هو في الاسلام ذاته و بالتحديد في النص القرآني. لكن تبعا لزاوية النظر هذه فإن وجود المسلمين الواقعي متوقف على علاقتهم الفعلية تحديدا بالقرآن حيث دعى فيلدرز المسلمين في هولندا لـ"تمزيق نصف القرآن" ("الدايلي تيليغراف" 14 أوت 2007) حتى يمكن لهم البقاء فيها. و بالنهاية فإن كراهية الاسلام، أو الاسلاموفوبيا، هي المقدمة الضرورية لكراهية المسلمين إذا لم يكرهوا إسلامهم كله (أو "نصفه" حتى)، أي بنهاية المطاف إذا توقفوا عن أن يكونوا مسلمين. المسلم الجيد، وفقا للعقل الاسلاموفوبي، هو المسلم الذي ينفي ذاته. هذه مقولة مركزية في الخطاب الاسلاموفوبي المعاصر سنجدها تتكرر في أمثلة أخرى.
كان شريط "فتنة" الذي لا يستغرق أكثر من 15 دقيقة، و الذي لم يجلب الانتباه بسبب جودته الفنية أو التقنية، ذروة جهود فيلدرز لبناء سيرة ذاتية على أساس موقفه الاسلاموفوبي. الشريط يستعمل منهج سطحي و لكن مميز للخطاب الاسلاموفوبي من خلال انتقاء آيات قرآنية تتعرض لموضوع الحرب و القتال و عزلها عن المتن التفسيري المعقد (أسباب النزول) المحيط بها مقابل التركيز على التفسير السياسوي الراهن لتنظيمات مثل "القاعدة" و من ثمة ممارساتها التي تدافع عن القتل على أساس العقيدة بوصفها الخلفية الوحيدة التي يجب على أساسها فهم هذه الآيات. طبعا يتم عبر هذا المنهج التنميطي المسطح و ذي البعد الواحد تقديم تعريف شامل للنص القرآني ذاته و من ثمة للمنظومة الإسلامية المعقدة، دينا و تاريخا، ضمن هذه المرجعيات الاختزالية. هذه منهجية كلاسيكية بالنسبة لأي خطاب يتعمد "الفوبيا" أو خطابات مماثلة مثل الخطاب العنصري. إذ لا يقع الاهتمام بالتفسير و الفهم و التوصيف بقدر ما يتم التركيز على الخلاصات التعميمية الشمولية بأسلوب شعبوي مبسط. فجاجة الشريط، التي ربما كان من أهدافها الظفر بفتوى من إمام مسلم معروف "تهدر دم" فيلدرز، جذبت ردود فعل سلبية من داخل الوسط الغربي الأوروبي بقدر ما جلبت ردودا مماثلة من أوساط مسلمة. وصلت الردود الاوروبية إلى حد الدعوة لحجب الشريط. الدعوة لمنع فيلدرز من التعبير يقع الدفاع عنها من قبل ناشطين حقوقيين هولنديين و أوروبيين ليس لأن الخطاب الاسلاموفوبي "يحرض على العنف" فحسب بل لأن مواقف فيلدرز تدعو فعليا لحجب و منع مؤلفات دينية إسلامية مما جعل هؤلاء يصفونه بـ"النفاق".
لكن مثلما هو حال أي موقف إسلاموفوبي هناك دائما خلفية سياسية محددة تيسر فهم هوس مماثل. تشكل هوس فيلدرز بموضوع الاسلام بشكل خاص في السنوات الأربع الماضية حيث أصبح جوهر خطابه السياسي و من ورائه حزبه "الليبرالي" المعروف باسم "الحزب من أجل الحرية". الأخير تأسس بمبادرة فيلدرز سنة 2004 بعد الانشقاق عن الحزب "الليبرالي" الهولندي الرئيسي "حزب الشعب من أجل الحرية و الديمقراطية". النقطة التي يبدو أنها أثارت الانشقاق موافقة قيادة الحزب الأخير على دعم ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي. منذ ذلك الحين تميز "الحزب من أجل الحرية" بعلاقته الخاصة بمؤسسه فيلدرز و هو ما جلب انتقادات و صراعات داخله تتهم الأخير بمركزة الحزب حول شخصه. برنامج "الحزب من أجل الحرية" يتمثل بشكل عام في أجندة ليبرالية كلاسيكية مثل الدفاع عن تحديد و حتى إلغاء بعض الضرائب الحكومية. غير أنه تميز بالتركيز على قضية الهجرة ليتحول إلى حزب يدافع بشكل روتيني على كل أشكال الحد من الهجرة و خاصة الارتقاء الاجتماعي للمهاجرين من أصول إسلامية و هو ما جعله في تصادم مع هولنديين متمسكين بأصولهم الاسلامية وصلوا إلى مواقع سياسية متقدمة. مع حلول انخابات سنة 2006 احتل حزب فيلدرز عمليا عبر أجندته السياسية موقع "اليمين المتطرف" و لو بمساحيق "ليبرالية" مما جعله أكثر جاذبية من أحزاب "اليمين المتطرف" التقليدية و من ثمة قنص تسعة مقاعد في البرلمان الهولندي. مثل ذلك استثمارا ناجحا للتصاعد النسبي لمشاعر "الكزينوفوبيا" (أو "الخوف من الأجانب") في ظل الصعوبات الاقتصادية في هولندا. غير أن لفيلدرز أجندة أكثر اتساعا جغرافيا تتجاوز المجال الهولندي. حيث تموقع من حيث خطابه ضمن اليمين الأوروبي المتطرف الذي يدافع عن هوية "مسيحية يهودية" لأوروبا من خلال الدعوة لإحياء ثقافة "تبني على التقاليد المسيحية و اليهودية و الانسانوية لتمثل تحديا للمشكل الاسلامي" (في حوار مع "دير شبيغل" 31 مارس 2008). الأهم من كل ذلك علاقة فيلدرز بالتحديد بالتيار النيومحافظ. لا يتعلق ذلك بالدفاع المستميت لفيلدرز عن سياسات الادارة الأميركية المتخلية و أيضا التغزل بفيلدرز من قبل رموز نيومحافظة يقع توصيفها روتينيا بأنها تحمل مواقف إسلاموفوبية مثل دانيال بايبس بل ايضا من خلال طبيعة مواقف فيلدرز خاصة في علاقة بالصراع العربي الاسرائيلي و التي تسنتسخ الموقف النيومحافظ الذي يدافع بشكل مطلق عن استراتيجيا المجازر المتبعة إسرائيليا. المثير للانتباه أن تركز خطاب فيلدرز على الاسلام تشكل في نفس الوقت الذي تطورت فيه علاقته برموز إسرائيلية. حيث برز خاصة مع سنة 2003 بتصريحات مؤيدة بشكل مطلق للسياسات الاسرائيلية أشار في إحداها إلى أنه برغم زياراته منذ سنوات التي شملت دولا عربية و اسلامية "من تونس إلى إيران و من قبرص (؟!) إلى تركيا" فإنه "يشعر بشعور خاص من التضامن عندما يضع ساقيه في مطار بن غوريون". الأمر ليس طبعا مجرد تصريحات و لقاءات، جمعته شخصيا بكل من إريال شارون و إيهود أولمرت، بل هو سجل واضح يتضمن دفاعا مستمرا بما في ذلك في البرلمان الهولندي عن إسرائيل بوصفها خير مطلق.
فيلدرز، إذا، ليس إلا نموذج كلاسيكي شعبوي و مهرج في الغالب عن تيار إسلاموفوبي أوروبي ترعرع في السنوات القليلة الماضية. لكن المظلة النيومحافظة أي المظلة السياسية هي التي تتطلب الانتباه و هذا هو الوقت الأمثل للوقوف على ميراث هذه المظلة. الرئيس أوباما حرص في خطابه الافتتاحي يوم 20 جانفي بشكل واضح على تكرار استعمال كلمة "مسلمين" أو "عالم إسلامي" بشكل غير مسبوق في خطاب أميركي رئاسي افتتاحي. الجملة الرئيسية التي تستحق التعليق هي:"إلى العالم الإسلامي نقول: إننا نسعى لسلوك طريق جديدة إلى الأمام، إنها طريق تستند على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل". قال أوباما ذلك و وراءه الرئيس المتخلي بما يعني الاقرار بأن ما "قمنا به" في السابق كانت "طريقا لا تستند على المصلحة المشتركة و الاحترام المتبادل". ليست هذه مجرد تمارين خطابية، إذ أن اختيار الخطاب الذي شاهده العالم بأسره لكي يعلن ما يشبه الاعتذار عن سلوكيات الادارة المتخلية أمر يستحق الانتباه بمعزل حتى عن صدقية النوايا. و ضمن ظرفية انتعاش المظلة النيومحافظة تحديدا تم حقن بعض الطاقة في نوع آخر من الاسلاموفوبيا و هي تلك المستنسخة من قبل "المحليين" أو "إسلاموفوبيي الخدمة" (Islamophobes de service). لأن الاسلاموفوبيا موقف و فكرة و ليست بالضرورة تعبيرا عن إنتماء عرقي محدد "أبيضا" كان أو "غربيا".
شيء يشرّف يا دكتور! يعطيك الصّحة
التحليل يحمل الجديد الذي لم أكن أعلمه بصراحة و المنهجيّة واضحة مدعّمة بالأمثلة
و لكن ، وددت لو أنّك نزّلت رهاب الإسلام و هو ما يغبّر عنه بالإسلاموفوبيا في واقع المجتمعات العربيّة عامّة و المجتمع التونسي خاصّة : من يروّج لها، ما خلفيّته الإيديولجيّة ، ما أهدافه ... و عدّة أسئلة أخرى
أرجو أن تتناول هذا الجانب في المقالات القادمة
بمنعهم دخول النائب الهولاندي لبريطانيا. البريطانيين يزيدو يقويّوا في الإسلاموفوبيا إلّي في بريطانيا و في أروبا بالخصوص. يعني تولّي حكاية متاع صنصرة لكسب رضاء المسلمين. و خاصّة و أن بريطانيا فيها أتعس متطرفين إسلاميين في العالم. (لندستان)
برباش كالعادة في ملئ الفراغات (لمن لا يعلم الشريط مفقود تقريبا في الانترنت)...
شكرا باج على مرورك...
ولادة كيفما قلت الفوق و في تدوينة سابقة المقال الثالث هو إلي بش ينتقل لموضوع المحلي...
سفيان.. تحدثت شوية في النقطة هذية التعليقات على فايسبوك... ماكانش ممكن نظرا لحجم و موضوع المقال تقييم قرار المنع... كان لازم الاستماع للنقاش البريطاني الواسع نسبيا إلي صار حول الموضوع للتعليق حول مدى حكمتو...
بِغضّ النظر على الأهداف الحقيقية لمنع دخول قيرت فيلدرز، يظهرلي هذاية اعتداء على حرية التعبير في دولة ديمقراطية كيما بريطانيا بالضبط كيما منعوا الجمعة اللي فاتت الصحفيين من تصوير رجال الأمن حتى وقتلي يعتديوا على المواطنين...على كل ما نحبش نتسرع، باش نستنى بقية المقالات لأنو يهمني نعرف كيفاش انجموا ننقدوا الإسلام و مصادرو من غير ما نوقعوا في الاسلاموفوبيا و كيفاش توضعت الحدود هاذي لأنو يولي ساهل اتهام أي شخص ينقد في الاسلام بأنو اسلاموفوبي
أنا من رأي من الأحداث التاريخية الي ساهمت في نزعة تجارة الاسلاموفوبيا هو هدر دم سلمان رشدي الي عملت منها الحكومة الامريكية اناذاك سلاح اعلامي ضد ايران
الشهرة الي خذاها سلمان رشدي (بقطع النطر على مستوى كتاباته ..مش موضوعنا) جعلت عدة "مثقفين" من أصل مسلم يتاجروا بثفافة الخوف من الاسلام باش يضهروا مضهر المعذبون في الارض و يبيعوا منتوجاتهم
فنرى مثلا في أفلام نوري بوزيد انه مر من موضوع الجسد و العراء الى اضطهاد المرأة الى اخيرا موضوع الخوف من الارهاب و كلها مواضيع تجارية قبل كل شيء
إرسال تعليق